وكانت عبرة، أن تجمع العقيدة ما تفرق وانتثر من شتات القوم، وأن تزيل ما تراكم في قلوبهم من ثارات وأحقاد، وتنسخ جاهليتهم المخضبة بالدماء..
وفى ظل هذه العقيدة الجامعة المؤلفة للقلوب، وتحت لوائها المبارك الميمون، التقى الأوس والخزرج إخوانا في الدين وعادوا بعد بيعة العقبة الكبرى أنصارا للاسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام، فكانوا هم الدعاة الأولين الذين حملوا نوره إلى عاصمة الشمال في الحجاز، وهيأوها لاستقبال المهاجر العظيم عليه الصلاة والسلام.
وما يزال اليهود، حتى عصرنا هذا، يقفون عند بيعة العقبة مأخوذين بما كان من جسيم خطرها وبعد أثرها.
وإن فيهم من يعدها بدء التاريخ الاسلامي، ويراها أولى بذاك من عام الهجرة التي هي في رأيهم أثر للبيعة الكبرى.
قال المؤرخ اليهودي (إسرائيل ولفنسون، أبو ذؤيب):
(ومهما يكن من شأن هذه البيعة العظيمة فإنها من الحوادث ذات النتائج الخطيرة في التاريخ الاسلامي. وإني أعتقد أنه كان من الحق على المسلمين أن يبتدئوا تاريخهم من تلك السنة، لان قيمتها لم تكن أقل شأنا من قيمة هجرة الرسول إلى يثرب) (1).
وما كان لليهود يومها أمل، إلا (أن يفلح زعماء قريش في استمالة