مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ١٨٩
وفجأة، بغتتها لطمة فاحشة على خدها، من يد أبي جهل، طرحت قرطها.
وانصرف بمن معه، يتهددون ويتوعدون.
ومضت أيام وليال لم يكن لمكة فيها شاغل، غير تلك المطاردة العنيفة، تعدو فيها قريش وراء مهاجر أعزل إلا من إيمانه.
وتضاربت الانباء في الطريق التي أخذها -، حتى جاء الخبر من يثرب أن النبي عليه الصلاة والسلام بلغ دار هجرته آمنا.
ووعت أذن الزمان ما لا نزال نردده في كل عيد للهجرة، من هتاف المدينة ترحيبا بالمهاجر العظيم، وما وجد في دار هجرته من مأمن ونصر..
وفي واقع التاريخ أن الهجرة لم تنه الجولة الفاصلة بين الاسلام والذين تصدوا له بالعداوة والكيد والحرب.
وإنما كانت بداية لهذه الجولة الفاصلة، بقدر ما كانت أثرا لما سبقها من أحداث، وتحركا إلى موقع جديد، بعد جولة مريرة وطويلة، في البلد العتيق.
فإذا كان في الناس من يتصورون أن منافذ الخطر قد سدت بمجرد انتقال المصطفى من دار مبعثه، وأن الاسلام صار بمأمن من كيد أعدائه بمجرد أن تلقاه الأنصار في دار هجرته، فالذي يعرفه الواقع التاريخي أن الصدام المسلح بين الاسلام والوثنية
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست