تقديرا لجلال الحدث الذي كان منطلق تحول حاسم وخطير، في تاريخ الاسلام.
وعلى امتداد الزمان، يحتفل المسلمون حيثما كانوا، بمستهل عام الهجرة، دون أن يفوتهم لمح ما كان لها من أثر بعيد في حركة سير الدعوة الاسلامية. ودون أن يخطئهم إدراك ما أعقب تلك الهجرة التاريخية من تغير في موازين القوى بين حزب الله، وبين الوثنية الباغية من قريش.
وإن فاتهم، أو فات كثيرا منهم، وعي حركة التحول ذاتها، وأعوزهم فهم التفسير التاريخي لتلك الهجرة الفاصلة بين أخطر المرحلتين من عصر المبعث.
ولقد مضى عليها ما يقرب من ألف وأربعمائة عام، وكلما بدأت السنة القمرية بهلال المحرم، تحركت أقلام تحيي الذكرى الخالدة، وشدت أبصار وقلوب إلى خطوات المهاجر العظيم ما بين مكة ويثرب، منذ خرج صلى الله عليه وسلم من بيته في مكة ذات نهار - وقد بلغت محنة الاضطهاد أقصى مداها، بعد ثلاث عشرة سنة من المبعث - فاتجه إلى بيت صاحبه الصديق أبي بكر، وأسر إليه أن الله تعالى قد أذن له في الخروج والهجرة.
هتف الصديق: (الصحبة يا رسول الله. الصحبة).
وبدأ التأهب لرحيل عاجل:
بعث أبو بكر يدعو (عبد الله بن أريقيط) وكان دليلا ثقة،