مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ١٩٦
بكل عتوها وجبروتها أن تنال من دعوة أذلت كبرياءها وسفهت أحلامها وحقرت آلهتها؟.
أو كانت بحيث تأمن على وجودها الجاهلي ودينها الموروث، وهذا النبي المهاجر قد أخذ موقعه الجديد في عاصمة الشمال، يهدد طريقها التجارية إلى الشام، مصمما على أن ينسخ برسالته دين قومه ويدك صروح وثنيتهم، ومعه رجال مؤمنون قد باعوا الدنيا بالآخرة، فهم يرون الموت في سبيل عقيدتهم شهادة وحياة وانتصارا؟
هيهات هيهات.
ولو ترك القطا ليلا لنام!
على أن هذه الجبهة لم تكن أخطر ولا أضرى من جبهة ثانية كانت تنتظر الاسلام في دار هجرته.
يهود كانوا هناك، يرصدون مجرى الاحداث في ذعر وقلق: لقد لبثوا طوال العهد المكي يتعلقون بالأمل في أن ينهك الصراع أهل مكة، مسلمين ومشركين، فيخلو ليهود الطريق إلى أم القرى، وفيها أسواق العرب التجارية الكبرى: عكاظ ومجنة وذو المجاز.
لكن بيعة العقبة الكبرى خيبت هذا الرجاء، كما خيبت الهجرة أملهم في أن يبقى الاسلام محصورا في البلد العتيق، بعيدا عن شمال الحجاز.
ولم يبق لهم إلا أن يتربصوا بالاسلام ويكيدوا له، بكل ما وسعهم من خبث وشر ودهاء.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست