مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ١٨٨
(لا تحزن إن الله معنا).
وفى هدأة المساء من الليلة الثالثة لمقامهما في الغار، جاء الدليل يسوق الراحلتين حذرا، فأناخ قريبا من فتحته. وخرج المصطفى وصاحبه.
وجاءت أسماء بنت أبي بكر بطعام لهما، فلما أعوزها عصام تشد به الزاد إلى الرحل، حلت نطاقها فشقته نصفين، علقت الزاد بأحدهما وانتطقت بالشق الآخر.
وسرى الركب في تلك الليلة التاريخية، آخذا طريق الجنوب من أسفل مكة، وكان غير مطروق.
وودعتهما (أسماء) ذات النطاقين، ثم تلبثت تتبعهما بصرها وقلبها حتى أبعدا، فعادت إلى بيت أبيها مستخفية حذرة، وهي توجس خيفة من المطاردين.
ولم تمض لحظات حتى فوجئت بطرقات عنيفة تلح على باب الدار، وإذا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، يسألونها في غلظة:
(أين أبوك يا بنت أبي بكر؟) أجابت: (لا أدري والله أين أبي).
وما كذبت، فقد كان آخر عهدها بأبيها مع المصطفى عليه الصلاة والسلام، منطلقين من الغار إلى حيث لا تدري أين بلغ بهما المسرى في مجاهل الفلاة.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست