البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٦١
سائر في طريق تحويل الإمكان النظري إلى إمكان عملي تدريجا، لا يبقى للاستغراب محتوى إلا استبعاد أن يسبق المهدي العلم نفسه، فيتحول الإمكان النظري إلى إمكان عملي في شخصه قبل أن يصل العلم في تطوره إلى مستوى القدرة الفعلية على هذا التحويل، فهو نظير من يسبق العلم في اكتشاف دواء ذات السحايا أو دواء السرطان.
وإذا كانت المسألة هي أنه كيف سبق الإسلام - الذي صمم عمر هذا القائد المنتظر - حركة العلم في مجال هذا التحويل؟
فالجواب: أنه ليس ذلك هو المجال الوحيد الذي سبق فيه الإسلام حركة العلم.
أوليست الشريعة الإسلامية ككل قد سبقت حركة العلم والتطور الطبيعي للفكر الإنساني قرونا عديدة؟ (1) أولم تناد بشعارات طرحت خططا للتطبيق لم ينضج الإنسان للتوصل إليها في حركته المستقلة إلا بعد مئات السنين؟
أولم تأت بتشريعات في غاية الحكمة، لم يستطع الإنسان أن يدرك أسرارها ووجه الحكمة فيها إلا قبل برهة وجيزة من الزمن؟
أولم تكشف رسالة السماء أسرارا من الكون لم تكن تخطر على بال إنسان، ثم

(١) هذه التساؤلات التي يثيرها السيد الشهيد (رضي الله عنه) تهدف إلى ترسيخ حقيقة مهمة، هي أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما بشر (بالمهدي)، وهو حالة غير اعتيادية في سياق البشرية، تنبئ في جملتها عن تسجيل سبق في الإمكانية العملية، بعد تأكيد الإمكانية العلمية، أي لبقاء الإنسان مدة أطول بكثير من المعتاد، فإن مثل هذا السبق في التنبيه على حقائق في هذا الوجود كان قد سجله القرآن والحديث الشريف في موارد كثيرة جدا في مسائل الطبيعة والكون والحياة. راجع: القرآن والعلم الحديث / الدكتور عبد الرزاق نوفل.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»