البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٣٧
التواتر كما حكى غير واحد من العلماء - يرى السيد الشهيد أن الأساس في قبولها ليس مجرد الكثرة العددية على الرغم من أنه قد استقر في الأوساط العلمية الروائية اعتبار مثل هذه الكثرة، بل هناك إضافة إلى ذلك مزايا وقرائن تبرهن على صحتها.
فالحديث الشريف عن الأئمة أو الخلفاء أو الأمراء بعده (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنهم اثنا عشر إماما أو خليفة أو أميرا على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة، قد أحصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت أكثر من مئتين وسبعين رواية مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنة بما في ذلك البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود ومسند أحمد ومستدرك الحاكم، وقد لاحظ الشهيد الصدر (رضي الله عنه) هنا أن البخاري (المولود 194، والمتوفى 256 ه‍)، الذي نقل الحديث كان معاصرا للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري وفي ذلك مغزى كبير، لأنه يبرهن على أن الحديث قد سجل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يتحقق مضمونه، وهذا يعني أن نقل الحديث لم يكن متأثرا بالواقع الإمامي الاثني عشري أو يكون انعكاسا له، لأن الروايات المزيفة التي تنسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنيا لا تسبق في ظهورها وتسجيلها كتب الحديث، ولقد جاء الواقع الإمامي الاثنا عشري ابتداء بالإمام علي وانتهاء بالمهدي، ليكون التطبيق الوحيد المعقول لذلك الحديث النبوي الشريف.
هذا هو الدليل الإسلامي، كما اصطلح عليه السيد الشهيد، أي الدليل الروائي في إثبات المهدي.
أما الدليل الآخر الذي اصطلح عليه ب‍ (العلمي) والذي يسوقه السيد الشهيد لإثبات الوجود التاريخي للمهدي، وأنه إنسان بعينه ولد وعاش واتصل بقواعده الشعبية وبخاصته، فإن هذا الدليل يتكون كما يرى السيد الشهيد من التجربة التي
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»