نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٩٢
بوصفه إطروحة مواصلة الإمام علي (عليه السلام) للقيادة بعد النبي فكريا واجتماعيا وسياسيا على السواء كما أوضحنا سابقا عند استعراض الظروف التي أدت إلى ولادة التشيع ولم يكن بالامكان بحكم هذه الظروف التي استعرضناها - أن يفصل الجانب الروحي عن الجانب السياسي في أطروحة التشيع تبعا لعدم انفصال أحدهما عن الاخر في الاسلام نفسه.
فالتشيع إذن لا يمكن أن يتجزأ إلا إذا فقد معناه كأطروحة لحماية مستقبل الدعوة بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو مستقبل بحاجة إلى المرجعية الفكرية والزعامة السياسية للتجربة الاسلامية معا. وقد كان هناك ولاء واسع النطاق للامام على (عليه السلام) في صفوف المسلمين باعتباره الشخص الجدير بمواصلة دور الخلفاء الثلاثة في الحكم وهذا الولاء هو الذي جاء به إلى السلطة عقيب مقتل الخليفة عثمان (147) ولكن هذا الولاء ليس تشيعا روحيا ولا سياسيا، لان التشيع يؤمن بعلي كبديل عن الخلفاء الثلاثة وخليفة مباشر للرسول (صلى الله عليه وآله) فالولاء الواسع للامام في صفوف المسلمين أوسع نطاقا من التشيع الحقيقي الكامل، وإن نما التشيع الروحي والسياسي داخل إطار هذا الولاء فلا يمكن أن نعتبره مثالا على التشيع المجزأ. كما أن الإمام علي (عليه السلام) يتمتع بولاء

(147) راجع: تاريخ الطبري / ج 2 / ص 696 وما بعدها وراجع أيضا وصف الحالة في خطبة الإمام علي من قوله: (فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلى ينثالون علي من كل جانب... مجتمعين حولي كربيضة الغنم نهج البلاغة / ضبط الدكتور صبحي الصالح / ص 48 - الشقشقية.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة