نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٩٣
روحي وفكري من عدد من كبار الصحابة في عهد أبي بكر وعمر من قبيل سلمان وأبي ذر وعمار وغيرهم، ولكن هذا لا يعني أيضا تشيعا روحيا منفصلا عن الجانب السياسي بل إنه تعبير عن إيمان أولئك الصحابة بقيادة الإمام علي للدعوة بعد وفاة النبي فكريا وسياسيا وقد انعكس إيمانهم بالجانب الفكري من هذه القيادة بالولاء الروحي المتقدم وانعكس إيمانهم بالجانب السياسي منها بمعارضتهم لخلافة أبي بكر (148) وللاتجاه الذي أدى إلى صرف السلطة عن الامام إلى غيره.
ولم تنشأ في الواقع النظرة التجزيئية إلى التشيع الروحي بصورة منفصلة عن التشيع السياسي ولم تولد في ذهن الانسان الشيعي، إلا بعد أن استسلم إلى الواقع، وانطفأت جذوة التشيع في نفسه كصيغة محددة لمواصلة القيادة الاسلامية في بناء الأمة، وإنجاز عملية التغيير الكبيرة التي بدأها الرسول الكبير، وتحولت إلى مجرد عقيدة يطوي الانسان عليها قلبه، ويستمد منها سلوته وأمله.
وهنا نصل إلى ما يقال من أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من أبناء الحسين (عليه السلام) اعتزلوا السياسية وانقطعوا عن الدنيا، فتلاحظ أن التشيع بعد أن فهمناه كصيغة لمواصلة القيادة الاسلامية، والقيادة الاسلامية لا تعني إلا ممارسة عملية التغيير التي بدأها الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) بناء الأمة على أساس الاسلام، فليس من الممكن أن نتصور تنازل الأئمة عن الجانب

(148) راجع ما نقله الطبرسي في الاحتجاج / ج 1 / ص 75.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 91 92 93 94 95 96 97 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة