نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٢٨
كان كل ذلك صحيحا (20)، فمن البديهي إذن أن يكون رائد الدعوة ونبيها أكثر شعورا بخطر السلبية (21)، وأكبر ادراكا، وأعمق فهما لطبيعة الموقف ومتطلبات العمل التغييري الذي يمارسه في أمة حديثة عهد بالجاهلية على حد تعبير أبي بكر.
الامر الثاني - النظرة المصلحة:
إن الامر الثاني الذي يمكن أن يفسر سلبية القائد تجاه مستقبل الدعوة، ومصيرها بعد وفاته، أنه على رغم شعوره بخطر هذا الموقف، لا يحاول تحصين الدعوة ضد ذلك الخطر، لأنه ينظر إلى الدعوة نظرة مصلحية، فلا يهمه إلا أن يحافظ عليها ما دام حيا

(٢٠) راجع: الفاروق عمر للدكتور محمد حسين هيكل / ج ٢ / ص ٣١٣ / ٣١٤: " كان عمر يود لو يتم التشاور، ويختاروا خليفة، قبل أن يقبض ليموت مطمئنا إلى مصير الاسلام من بعده... ".
(٢١) إن حرص النبي محمد (صلى الله عليه وآله) على دعوته المباركة وعلى وحدة الأمة ومصير الاسلام، لابد أن يكون بالضرورة أكثر من حرص أصحابه وأشد، قال تعالى: (... عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة / ١٢٨. والاهم فإن توعيته للأمة وتربيته لأصحابه في ضرورة تجنب الاختلاف، وممارساته العملية بهذا الشأن لا تحتاج إلى دليل، فضلا عن كون القرآن قد طفح بعشرات الآيات التي تدعو إلى نبذ الخلاف، والتنفير من أسبابه ودواعيه، فكيف يمكن تصور أن يترك النبي الرحيم أهم سبب يدعو إلى التنازع وهو الرئاسة دون أن يضع ما من شأنه أن يعطله ويغلق الباب دون تفاعلاته، مع أن هذا الادراك كما يقولون دفع الخليفتين الأول والثاني إلى الاستخلاف كما صرحوا به هم أنفسهم / تاريخ الطبري / ج 2 / ص 580.
(22) المصدر السابق.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة