وكل ما تقدم يدل على أن التوعيد التي مارسها النبي (صلى الله عليه وآله) على المستوى العام للمهاجرين والأنصار، لم تكن بالدرجة التي يتطلبها إعداد القيادة الواعية الفكرية والسياسية لمستقبل الدعوة وعملية التغيير، وإنما كانت توعية بالدرجة التي نبي القاعدة الشعبية الواعية التي تلتف حول قيادة الدعوة في الحاضر والمستقبل.
وأي افتراض يتجه إلى القول بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يخطط لاسناد قيادة التجربة والقيمومة على الدعوة بعده مباشرة إلى جيل المهاجرين والأنصار، يحتوي ضمنا اتهام أذكى وأبصر قائد رسالي في تاريخ العمليات التغييرية، بعدم القدرة على التمييز بين الوعي المطلوب على مستوى القاعدة الشعبية للدعوة والوعي المطلوب على مستوى قيادة الدعوة وإمامتها الفكرية والسياسية.
النقطة الثالثة:
إن الدعوة عملية تغيير، ومنهاج حياة جديد، وهي تستهدف بناء أمة من جديد واقتلاع كل جذور الجاهلية ورواسبها من وجودها.
والأمة الاسلامية - ككل - لم تكن قد عاشت في ظل عملية التغيير هذه إلا عقدا واحدا من الزمن على أكثر تقدير، وهذا الزمن