نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٠٦
بمقامات وعلوم ومواقف ترتبط بوجود الاسلام وبمستقبله.
فاما أولا: فإن كتب السيرة والرواية قد تكفلت ببيان تفصيلات وافية في هذا الصدد، حتى أن أمر تعهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) لعلي بكفالته منذ صغره، وتربيته في بيته من أوضح ما تزخر به سيرته الشريفة (1)، ويكفي أن نورد ما بينه الإمام علي (عليه السلام) نفسه في خطبته الشهيرة بالقاصعة إذ يقول: (وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القربية، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه. وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل... ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل اثر أمه، يرفع لي في كل يوم ن أخلافه علما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة...) (2).
إن هذه الصورة التي ينقلها لنا الإمام علي (عليه السلام) نفسه عن كيفية وطريقة التعامل التي كان يتبعها النبي معه، تكشف لنا عن حقيقة وأبعاد الهدف الأعظم من ذلك.

(1) السيرة النبوية / ابن هشام / ج 1 / ص 246، تحقيق مصطفى السقا وآخرون.
(2) نهج البلاغة / ضبط الدكتور صبحي الصالح / خطبة 192 / ص 300 / 301
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 101 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة