نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٥٦
القاعدة تؤدي دورها الصالح، غير أن هذا لا يعني - بحال من الأحوال - أنها مهيأة فعلا لكي تتسلم هذه الزعامة، وتقود بنفسها التجربة الجديدة، لان هذه التهيئة تتطلب درجة أكبر من الانصهار الروحي والايماني بالرسالة، وإحاطة أو سع كثيرا بأحكامها ومفاهيمها ووجهات نظرها المختلفة عن الحياة، وتطهيرا أشمل لصفوفها من المنافقين والمندسين والمؤلفة قلوبهم، الذين كانوا لا يزالون يشكلون جزءا من ذلك الجيل له أهميته العددية (83)، ومواقعه التاريخية، كما أن له آثاره السلبية، بدليل حجم ما تحدث به القرآن الكريم عن المنافقين ومكائدهم ومواقفهم (84)، مع تواجد أفراد في ذلك الجيل قد استطاعت التجربة أن تبنيهم بناء رساليا رفيعا، وتصهرهم في يوتقتها، كسلمان وأبي ذر وعمار وغيرهم (85).
أقول: أن تواجد هؤلاء الافراد ضمن ذلك الجيل الواسع لا يبرهن على أن ذلك الجيل ككل بلغ إلى الدرجة التي تبرر إسناد مهام التجربة إليه على أساس الشورى. وحتى أولئك الافراد الذين مثلوا النمط الرفيع رساليا من ذلك الجيل لا يوجد في أكثرهم ما يبرر افتراض كفايتهم الرسالية لزعامة التجربة من الناحية الفكرية والثقافية

(83) يظهر أنهم من الكثرة بحيث شكلوا عبئا على الموارد المالية للدولة، مما دفع الخليفة الثاني إلى إلغائها بحجة أن الاسلام صار عزيزا قويا.
(84) راجع تفسير سورة (المنافقون) في كتب التفاسير.
(85) قال رسول الله: " إن الله أمرني بحيث أربعة وأخبرني أنه يحبهم: على وأبو ذر والمقداد وسلمان " سنن ابن ماجة / ج 1 / ص 66، وراجع التاج الجامع للأصول / ج 3 / ص 405.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة