نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٥٥
أهل البيت وخلافة علي (عليه السلام)، كانت أمرا ضروريا يفرضه منطق العمل التغييري على مسار التاريخ.
سادسا: إن جزءا كبيرا من الأمة التي تركها النبي (صلى الله عليه وآله) بوفاته كان يمثل مسلمة الفتح، أي المسلمين الذين دخلوا الاسلام بعد فتح مكة (81)، وبعد ان أصبحت الرسالة الجديدة سيدة الموقف في الجزيرة العربية سياسيا وعسكريا. وهؤلاء لم يتح للرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أن يتفاعل معهم في الفترة القصيرة التي أعقبت الفتح إلا بقدر ضئيل، وكان جل تفاعله معهم بوصفه حاكما، بحكم المرحلة التي كانت الدولة الاسلامية تمر بها، وفي هذه المرحلة برزت فكرة المؤلفة قلوبهم، والتي أخذت موضعها في تشريع الزكاة (82)، وفي اجراءات أخرى ولم يكن هذا الجزء من الأمة مفصولا عن الاجزاء الأخرى بل كان مندمجا فيها، ومؤثرا، ومتأثرا في نفس الوقت.
ففي إطار هذه الأمور الستة نجد أن التربية النبوية أنتجت إنتاجا عظيما، وحققت تحولا فريدا، وأنشأت جيلا صالحا مؤهلا لما استهدفه النبي من تكوين قاعدة شعبية صالحة للالتفات حول الزعامة القائدة للتجربة الجديدة وإسنادها، ولهذا نجد أن ذلك الجيل كان يؤدي دوره كقاعدة شعبية صالحة ما دامت الزعامة القائدة الرشيدة كانت قائمة في شخص النبي، ولو قد لهذا الزعامة أن تأخذ مسارها الرباني لظلت

(81) راجع تفسير الكشاف / الزمخشري / ج 4 / ص 810 / تفسير سورة النصر.
(82) كما جاء في قوله تعالى: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله...) التوبة / 60.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة