وقد تقول إن هذه الصورة التي عرضت عن الصحابة، وما فيها من أرقام على عدم كفايتهم للقيادة يتعارض مع ما نؤمن به جميعا من أن التربية النبوية أحرزت درجة هائلة من النجاح، وحققت جيلا رساليا رائعا!.
والجواب: إنا بما قدمناه قد حددنا الصورة الواقعية لذلك الجيل الواسع الذي عاصر وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) دون أن نجد في ذلك ما يتعارض مع التقييم الايجابي بدرجة عالية للتربية النبوية التي مارسها الرسول (صلى الله عليه وآله) في حياته الشريفة، لأننا في نفس الوقت الذي نؤمن فيه بأن التربية النبوية كانت مثلا ربانيا رائعا وبعثا رساليا متميزا في تاريخ العمل النبوي على مر الزمن نجد أن الايمان بذلك والوصول إلى تقييم حقيقي لمحصول هذه التربية ونتائجه، لا يقوم على أساس ملاحظة الكم، بصورة منفصلة عن الكيف.
ومن أجل توضيح ذلك خذ هذا المثال، نفترض مدرسا يدرس عددا من طلبة اللغة الانكليزية وآدابها، ونريد أن نقيم قدرته التدريسية فإننا لا نكتفي بمجرد دراسة مدى وما وصل إليه هؤلاء الطلبة من ثقافة واطلاع على اللغة الانكليزية وآدابها، وإنما نربط ذلك بتجديد الزمن الذي مارس فيه المدرس تدريسه لهؤلاء الطلبة وبتحديد الوضع القبلي لهم، ودرجة قربهم أو بعدهم مسبقا عن أجواء اللغة الانكليزية وآدابها، وحجم الصعاب والعقبات الاستثنائية التي واجهت عملية التدريس، وأعاقت سيرد الطبيعي، والهدف الذي كان المدرس يتوخاه من تدريس