نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٦٠
الاسلامية، التي تولى جيل المهاجرين والأنصار قيادتها تنهار تحت وقع الضربات الشديدة التي وجهها أعداء الاسلام القدامى (93)، ولكن من داخل إطار التجربة الاسلامية لامن خارجها، إذا استطاعوا أن يتسللوا إلى مراكز النفوذ في التجربة بالتدريج، ويستغلوا القيادة غير الواعية، ثم صادروا بكل وقاحة وعنف، تلك القيادة، وأجيروا الأمة وجيلها الطليعي الرائد على التنازل عن شخصيته وقيادته، وتحولت الزعامة إلى ملك موروث (94)، يستهتر بالكرامات ويقتل الأبرياء (95)، ويبعثر الأموال (96)، ويعطل الحدود، ويجمد الاحكام (97)، ويتلاعب

(93) يقصد بهم من أسلم زمن الفتح - فتح مكة - وكان من المؤلفة قلوبهم أبو سفيان ومعاوية.
تاريخ الطبري / ج 2 / ص 175.
(94) راجع: المقدمة / ابن خلدون / ص 227 / انقلاب الخلافة إلى ملك طبعة دار الجيل، وقد نقل ابن الأثير / ج 3 / ص 199 (طبعة الحلبي) عن عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو يقاطع مروان حين كان يخطب على منبر المدينة، مدافعا عن وجهه نظر معاوية، إذ صاح به عبد الرحمن قائلا: كذبت والله وكذب، معاوية، ما الخيار أردتما لامة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلما مات هرقل قام... وراجع تاريخ الخلفاء السيوطي / ص 203.
(95) نقل ابن الأثير / ج 3 / ص 487: عن الحسن البصري - وهو من أجلاء التابعين المشهورين - أنه قال: أرجع خصال كن في معاوية، لو لم تكن فيه إلا خصلة واحدة لكانت موبقة، انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الامر من غير مشورة، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضلية، واستخلافه بعده ابنه يزيد سكيرا، وادعاؤه زيادا، وقتله حجر بن عدي وأصحاب حجر، فيا ويلا له من حجر، ويا ويلا له من حجر وأصحاب حجر...
(96) راجع: التاج الجامع للأصول / ج 5 / ص 310، وراجع للتفصيل، العدالة الاجتماعية في الاسلام / الشهيد سيد قطب / ص 231 وما بعدها.
(97) راجع ما نقله السيوطي في تاريخه / ص 209 وما بعدها: ما ارتكبه يزيد من المنكرات الشيعة، من قتله ريحانة رسول الله الحسين (عليه السلام)، وسبي حرم رسول الله، من ضرب الكعبة، واستباحة المدينة المنورة وقتل أهلها والاعتداء على النواميس.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة