نشأة التشيع والشيعة - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٥٠
لذلك، الصلاة على الميت، فإنها عبادة كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد مارسها علانية مئات المرات، وأداها في مشهد عام من المشيعين والمصلين، وبالرغم من ذلك يبدو أن الصحابة كانوا لا يجدون ضرورة معرفة هذه العبادة ما دام النبي (صلى الله عليه وآله) يؤديها، وما داموا يتابعون فيها النبي (صلى الله عليه وآله) في عدد التكبيرات في صلاة الميت، " فقد أخرج الطحاوي عن إبراهيم قال: قبض رسول الله، والناس مختلفون في التكبير على الجنازة لا تشاء أن تسمع رجلا يقول سمعت رسول الله يكبر خمسا، وآخر يقول سمعت رسول الله يكبر أربعا، فاختلفوا في ذلك حتى قبض أبو بكر، فلما ولي عمر، ورأى اختلاف الناس في ذلك، شق عليه جدا، فأرسل إلى رجال من أصحاب رسول الله فقال: " إنكم معاشر أصحاب رسول الله متى تختلفون على الناس يختلفون من بعدكم، ومتى تجتمعون على أمر يجتمع الناس عليه، فانظروا ما تجتمعون عليه، فكأنما أيقظهم، فقالوا: نعم ما رأيت يا أمير المؤمنين " (73). وهكذا نجد أن الصحابة كانوا في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) يتكلون غالبا على شخص النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا يشعرون بضرورة الاستيعاب المباشر للأحكام والمفاهيم ما داموا في كتب النبي (صلى الله عليه وآله) (74).

(73) راجع: عمدة القاري شرح صحيح البخاري / ج 8 / ص 137 باب التكبير على الجنازة طبعة دار إحياء التراث / بيروت (الشهيد).
(74) راجع: تمهيد لتاريخ الفلسفة / د. مصطفى عبد الرزاق / ص 272.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة