فأكل أجوافها كلها مع أربعين رقاقة، ثم قرب بعد ذلك الطعام فأكل مع ندمائه كأنه لم يأكل شيئا.
وحكي عن جعفر بن يحيى البرمكي انه ركب ذات يوم وأمر خادما له ان يحمل ألف دينار وقال سأجعل طريقي على الأصمعي فإذا حدثني فرأيتني ضحكت فأجعلها بين يديه، ونزل جعفر على الأصمعي فجعل يحدثه بكل أعجوبة ونادرة تطرب وتضحك فلم يضحك، وخرج من عنده فقيل له رأينا منك عجبا فقد حركك بكل مضحكة فلم تضحك وليس من عادتك ان ترد إلى بيت مالك ما قد خرج عنه فقال: انه قد وصل إليه من أموالنا مائة ألف درهم قبل هذه المرة فرأيت في داره خباء مكسورا وعليه دراعة خلق ومقعدا وسخا وكل شئ عنده رثا وأنا أرى ان لسان النعمة أنطق من لسانه، وان ظهور الصنيعة أمدح وأهجى من مدحه وهجائه فعلى أي وجه أعطيه إذا كانت الصنيعة لم تظهر عنده، ولم تنطق النعمة بالشكر عنه.
(الأصم) أبو عبد الرحمان حاتم بن عنوان البلخي كان أحد من عرف بالزهد والتقلل واشتهر بالورع والتقشف، ولم يكن اصم بل تصامم.
وله حكاية في وجه تلقبه بذلك، وحاصلها انه كانت امرأة تسأله عن شئ فخرج منها ريح بصوت فخجلت فقال لها: ارفعي صوتك حتى اسمع وأرى من نفسه انه اصم، فسرت المرأة وزال خجلها فغلب عليه هذا الاسم.
وله كلمات في الزهد والحكم (منها) قوله: العجلة من الشيطان إلا في خمس: إطعام الطعام إذا حضر ضيف، وتجهيز الميت إذا مات، وتزويج البكر إذا أدركت، وقضاء الدين إذا وجب، والتوبة من الذنب إذا أذنب.
(ومنها) قوله: لا تغتر بموضع صالح فلا مكان أصلح من الجنة فلقى