الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ٢ - الصفحة ٣٨
وحكي انه كان شديد الحفظ يحفظ اثني عشرة الف أرجوزة، وإذا انتقل حمل كتبه في ثمانية عشر صندوقا، ولما تولى المأمون كان الأصمعي قد عاد إلى البصرة فاستقدمه فاعتذر بضعفه وشيخوخته، فكان المأمون يجمع المشكل من المسائل ويسيرها إليه فيجيب عنها.
أقول وذكره الخطيب في تاريخه وأثنى عليه، وروي عن المبرد أنه يقول كان أبو زيد الأنصاري صابح لغة وغريب ونحو، وكان أكثر من الأصمعي في النحو، وكان أبو عبيدة اعلم من أبي زيد والأصمعي بالأنساب والأيام والاخبار وكان الأصمعي بحرا في اللغة لا يعرف مثله فيها وفي كثرة الرواية، وكان دون أبي في النحو قلت: وقد جمع الفضل بن الربيع بين الأصمعي وأبي عبيدة في مجلسه، وروى الخطيب أيضا انه سأل الرشيد عن بيت الراعي:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما * ودعا فلم أر مثله مخذولا ما معنى محرما؟ فقال الكسائي: أحرم بالحج، فقال الأصمعي: والله ما كان أحرم بالحج، ولا أراد الشاعر انه أيضا في شهر حرام فيقال: أحرم إذا دخل فيه. كما يقال أشهر إذا دخل في الشهر، وأعام إذا دخل في العام، فقال الكسائي: ما هو غير هذا وفيما أراد، فقال الأصمعي: ما أراد عدي ابن زيد بقوله:
قتلوا كسرى بليل محرما * فتولى لم يمتع بكفن أي أحرم كسرى، فقال الرشيد: فما المعنى؟ قال: كل من لم يأت شيئا يوجب عليه عقوبة فهو محرم لا يحل شئ منه، فقال الرشيد: ما تطاق في الشعر يا أصمعي، ثم قال لا تعرضوا للأصمعي في الشعر إنتهى توفى بالبصرة سنة 216 أو ما يقارب منه، وقد بلغ 88 سنة، قال ابن خلكان قال أبو العينا: كنا في جنازة الأصمعي فحدثني أبو قلابة حبيش بن عبد الرحمان الجرمي الشاعر فأنشدني لنفسه:
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»