الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٤
ان معنى مولاكم أولى بكم، وأنشد بيت لبيد شاهدا له:
فغدت كلا الفرجين تحسب انها * مول المخافة خلفها وأمامها وقال البيضاوي والزمخشري وغيرهما من المفسرين في تفسير قوله تعالى: (هي مولاكم) هي أولى بكم ولا خلاف بين المفسرين في أن قوله تعالى: (ولكل جعلنا موالي مما ترك الولدان والأقربون) ان المراد بالموالي من كان أملك بالميراث وأولى بحيازته وأحق به.
وأما الثاني: وهو ان المراد بالمولى هنا هذا المعنى، فمعلوم ان من عادة أهل اللسان في خطابهم إذا أوردوا جملة مصرحة وعطفوا عليها بكلام محتمل لما تقدم التصريح به ولغيره لم يجز ان يريدوا بالمحتمل إلا المعنى الأول.
فقول النبي (صلى الله عليه وآله) للجماعة: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وإقرارهم له بذلك، ثم قوله (صلى الله عليه وآله) متبعا لقوله الأول بلا فصل فمن كنت مولاه فعلي مولاه فهذا قرينة على أن المراد بالمولى الأولى ولا ينكر ذلك إلا جاهل بأساليب الكلام أو متجاهل لعصبيته على أن ما يحتمله لفظ المولى ينقسم إلى أقسام، منها ما لم يكن كالمعتق والحليف، ومنها ما كان عليه معلوم انه لم يرده كالمالك والجار والصهر والمعتق وابن العم، ومنها ما كان عليه ويعلم بالدليل انه " عليه السلام " لم يرده وهو ولاية الدين والنصرة والمحبة وولاء المعتق فلم يبق إلا القسم الرابع وهو الأولى، وقد ذهب جمع من المخالفين إلى تجويز كون المراد الناصر والمحب ولا يخفى على عاقل انه ما كان يتوقف بيان ذلك على اجتماع الناس بذلك في شدة الحر بل كان هذا أمرا يجب ان يوصي به عليا " عليه السلام " بأن ينصر ويجب من كان الرسول ينصره ويحبه ولا يتصور في اخبار الناس بذلك فائدة يعتد بها على أن الاخبار المروية من الطريقين الدالة على أن قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) نزلت في يوم الغدير تدل على أن المراد بالمولى ما يرجع إلى الإمامة الكبرى إذ ما يكون سببا لكمال الدين وتمام النعمة على المسلمين لا يكون إلا ما
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»