صفعة فكأنما سقط على قفاي قلعة وإذا فيه حصى مدور كأنه صنجات فصفعت به عشرا كادت ان تنفصل رقبتي وينكسر عنقي وطنت أذناي وقدح الشعاع من عيني فلما استوفيت عشرة صحت يا سيدي نصيحة فرفع الصفع عنى فقال: ما نصيحتك؟ قلت: يا سيدي انه ليس في الدنيا أحسن من الأمانة ولا أقبح من الخيانة، وقد ضمنت للخادم الذي أدخلني عليك نصف هذه الجائزة على قلتها أو كثرتها وأمير المؤمنين أطال الله بقاءه بفضله وكرمه قد أضعفها فقد استوفيت نصفها وبقي لخادمك نصفها فضحك حتى استلقى استفزه ما كان قد سمعه مني أولا وتحامل له فما زال يضرب بيده ويفحص برجله ويمسك بمراق بطنه حتى إذا سكن ضحكه قال: علي بفلان الخادم فأتي به، وكان طوالا فأمر بصفعه فقال: يا أمير المؤمنين أي شئ قصتي؟ وأي جناية جنايتي؟ فقلت له هذه جائزتي وأنت شريكي وقد استوفيت نصفها وبقى نصيبك منها فلما استوفى صفعه اخرج من تحت تكائه صرة فيها خمسمائة درهم فقسم الدراهم بيننا وانصرفنا (ابن مفرغ) أبو عثمان يزيد بن زياد بن ربيعة بن مفرغ الحميري لقب جده مفرغا لأنه راهن على سقاء لبن ان يشربه كل فشربه حتى فرغ فلقب به.
وكان ابن مفرغ شاعرا، ومن شعره ما تمثل به الحسين بن علي عليه السلام:
لا ذعرت السوام في غلس الصبح * مغيرا ولا دعيت يزيدا يوم أعطي على المخافة ضيما * والمنايا يرصدنني ان أحيدا وهجا ابن مفرغ عباد بن زياد وعبيد الله بن زياد وقد نكلا به وحبساه، ولولا قومه وعشيرته الذي كانوا مع يزيد بن معاوية لقتلاه، ومن شعره في لحية عباد، وكان عظيم اللحية كأنها جوالق:
ألا ليت اللحى كانت حشيشا * فنعلفها خيول المسلمينا