ورجاءك بعد يأسك ويأسك بعد رجائك، وخاطرك بما لم يكن في وهمك وعزوب ما أنت معتقده من ذهنك، وما زال يعد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا ادفعها حتى ظننت انه سيظهر فيما بيني وبينه.
حكي عن محاضرات الراغب انه قال: أربعة لم يدرك مثلهم في الاسلام في فنونهم الخليل وابن المقفع وأبو حنيفة والفزاري.
(أقول): أما أبو حنيفة فقد تقدم، والفزاري يأتي، والخليل هو ابن أحمد بن عمرو بن تميم الأزدي البصري اللغوي العروضي النحوي من علماء الإمامية، كان أفضل الناس في الأدب، وقوله حجة فيه، واخترع علم العروض، وأسس كتاب العين، وفضله أشهر من أن يذكر، وكان من الزهاد في الدنيا، والمنقطعين إلى العلم، اخذ عن عمرو بن العلاء وغيره، وأخذ عنه سيبويه وغيره.
قال تلميذه النضر بن شميل الذي يأتي ذكره في العرجي، أقام الخليل في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين وأصحابه يكسبون بعلمه الأموال، وقال: حمزة بن الحسن الأصبهاني في حقه بنقل ابن خلكان عنه:
ان دولة الاسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم تكن لها عند علماء العرب أصول من الخليل وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم اخذه ولا على مثال تقدمه احتذاه وإنما اخترعه من ممر له بالصفارين من وقع مطرقة على طست ليس فيها حجة ولا بيان يؤديان إلى غير حليهما أو يفسران غير جوهرهما، إلى أن قال: ومن تأسيسه كتاب العين (1) الذي يحصر لغة أمة من الأمم قاطبة ثم من أمداده سيبويه من علم النحو بما صنف منه كتابه الذي هو زينة لدولة الاسلام إنتهى.