أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال: لأني رأيت عنده ما لم أر عندهم، فقال ابن أبي العوجاء: لابد من اختبار ما قلت فيه منه، فقال له ابن المقفع: لا تفعل فاني أخاف ان يفسد عليك ما في يدك، فقال: ليس ذا رأيك ولكنك تخاف ان يضعف رأيك عندي في احلالك إياه المحل الذي وصفت فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت على هذا فقم إليه وتحفظ ما استطعت من الزلل ولا تثن عنانك إلى استرسال يسلمك إلى عقال وسمه مالك أو عليك قال فقام ابن أبي العوجاء وبقيت وابن المقفع فرجع إلينا وقال: يا ابن المقفع ما هذا ببشر وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا فقال له: وكيف ذاك؟ قال: جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: إن يكن الامر على ما يقول هؤلاء وهو على ما يقولون يعني أهل الطواف فقد سلموا وعطبتم وإن يكن الامر كما تقولون وليس كما يقولون فقد استويتم وهم فقلت له: يرحمك الله وأي شئ تقول؟ وأي شئ يقولون ما قولي وقولهم إلا واحد، فقال: كيف يكون قولك وقولهم واحدا وهم يقولون: إن لهم معادا وثوابا وعقابا يدينون بأن للسماء إلها وانها عمران وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد، قال: فاغتنمتها منه فقلت له ما منعه إن كان الامر كما تقول ان يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الايمان به؟ فقال لي: ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك؟ نشأك ولم تكن وكبرك بعد صغرك، وقوتك بعد ضعفك وضعفك بعد قوتك وسقمك بعد صحتك وصحتك بعد سقمك ورضاك بعد غضبك وغضبك بعد رضاك وحزنك بعد فرحك وفرحك بعد حزنك وحبك بعد بغضك وبغضك بعد حبك وعزمك بعد إبائك وإبائك بعد عزمك، وشهوتك بعد كراهتك وكراهتك بعد شهوتك، ورغبتك بعد رهبتك ورهبتك بعد رغبتك
(٤٢٢)