الكنى والألقاب - الشيخ عباس القمي - ج ١ - الصفحة ٤٠٤
ما غبن المغبون مثل عقله * من لك يوما بأخيك كله فقال لابنه اكتبها فكتبها على ظهر كتاب من كتبه، فقلت له جعلت فداك انها لأبي تمام فقال خرق خرق. قال المسعودي بعد نقل هذه القصة: وهذا من ابن المدبر قبيح من عمله، لان الواجب ان لا يدفع احسان محسن عدوا كان أو صديقا، وان تؤخذ الفائدة من الوضيع والرفيع فقد روي عن أمير المؤمنين " ع " انه قال الحكمة ضالة المؤمن فخذ ضالتك ولو من أهل الشرك. وقد ذكر عن بزرجمهر وكان من حكماء الفرس انه قال: اخذت من كل شئ أحسن ما فيه حتى الكلب والهرة والخنزير والغراب قيل ما اخذت من الكلب؟ قال الفه لأهله وذبه عن صاحبه. قيل فما اخذت من الغراب؟ قال شدة حذره. قيل فمن الخنزير؟ قال بكوره في حوائجه. قيل فمن الهرة؟ قال حسن نغمتها وتملقها لأهلها عند المسألة.
ومن عاب مثل هذه الاشعار التي ترتاح لها القلوب وتحرك لها النفوس وتصغي إليها الاسماع وتشحذ بها الأذهان ويعلم كل من له قريحة وفضل ومعرفة ان قائلها قد بلغ في الإجادة أبعد غاية وأقصى نهاية فإنما غض من نفسه وطعن على معرفته واختياره انتهى.
(قلت) اخذ المسعودي كلامه هذا من ابن المعتز فقد ذكر الخطيب في تأريخ بغداد انه لما أمر ابن المدبر بتخريق الكتاب قال قال ابن المعتز: وهذا الفعل من العلماء مفرط القبح لأنه يجب ان لا يدفع إحسان محسن عدوا كان أو صديقا وان تؤخذ الفائدة من الرفيع والوضيع فإنه يروي عن علي بن أبي طالب " ع " انه قال: الحكمة ضالة المؤمن فخذ ضالتك ولو من أهل الشرك. ويروى عن بزرجمهر انه قال: اخذت من كل شئ أحسن ما فيه الخ انتهى.
وقد يطلق ابن المدبر على أحمد بن محمد بن عبيد الله أبي الحسن الكاتب الضبي حكي انه كان إذا مدحه شاعر فلم يرض شعره قال لغلامه امض به إلى المسجد الجامع ولا تفارقه حتى يصلي مائة ركعة ثم أطلقه، فتحاماه الشعراء إلا الافراد المجيدين
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»