به فلماذا أخرت مدحه وأنت شاعر زمانك وقريع دهرك؟ فأنشأ يقول:
قيل لي أنت أوحد الناس طرا * في فنون من الكلام النبيه لك من جوهر الكلام بديع * يثمر الدر في يدي مجتنيه فعلى ما تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه قلت لا اهتدي لمدح إمام * كان جبريل خادما لأبيه فقال له المأمون أحسنت ووصله من المال بمثل الذي وصل به كافة الشعراء وفضله عليهم.
(قلت) هذا كما يحكى عن المتنبي انه قال في جواب من اعترض عليه في عدم مدحه أمير المؤمنين " ع " على كثرة اشعاره فقال:
وتركت مدحي للوصي تعمدا * إذ كان نورا مستطيلا شاملا وإذا استظال الشئ قام بنفسه * وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا وحكي ان أبا نؤاس خرج من بغداد قاصدا مصر ليمدح أبا نصر الخصيب بن عبد الحميد صاحب ديوان الخراج بها فأنشأ قصيدته الرائية منها قوله:
إذا لم تزر ارض الخصيب ركابنا * فأي فتى بعد الخصيب تزور فما جازه جود ولا حل دونه * ولكن يصير الجود حيث يصير فتى يشتري حسن الثناء بماله * ويعلم ان الدائرات تدور يقال انه لما صار إلى بغداد مدح الخليفة، فقيل له وأي شئ تقول فينا بعد أن قلت في بعض نوابنا؟ إذا لم تزر ارض الخصيب (البيت) فأطرق ساعة ثم رفع رأسه وأنشد يقول:
إذا نحن أثنينا عليك بصالح * فأنت كما نثني وفوق الذي نثني وإن جرت الألفاظ منا بمدحة * لغيرك انسانا فأنت الذي نعنى قيل توفي أبو نؤاس سنة 198 ببغداد ودفن في مقابر الشونيزي.
وقال ابن النديم في الفهرست: توفى أبو نؤاس في الفتنة قبل قدوم المأمون