وكرامتها، ويجعلها طريدة شريدة هائمة حيث تشاء.
فقد شاع عند اليونانيين دون قيد أو شرط، وأباحه الرومانيون دينيا ومدنيا بعد أن حرمته الأجيال الأولى منهم.
وحينما جاءت الشريعة الموسوية قلصت من نطاق الطلاق وأباحته في حالات ثلاث: الزنا والعقم والعيب الخلقي والخلقي.
وأما الشريعة المسيحية فقد حرمته إلا في حالتين: اقتراف أحد الزوجين أو كلاهما جريمة الفسق، أو في حالة العقم.
وهذا ما دفع الأمم الغربية الحديثة، بضغط الحاجة الملحة إلى تقنين الطلاق المدني وجعله قانونا ثابتا، وإن خالف دينها وشريعتها.
ولما أطل الاسلام بعهده الزاهر وتشريعه الكافل، أقر الطلاق وأحاطه بشروط من التدابير الوقائية والعلاجية، لتقليصه وملافاة أزماته ومشاكله.
فهو أبغض الحلال إلى الله عز وجل، ولكن الضرورة تبيح المحذور، فهناك حالات يتسع الخلاف فيها بين الزوجين ويشتد الخصام وتغدو الحياة الزوجية أتونا مستعرا بالشحناء والبغضاء، مما يتعذر فيها التفاهم والوفاق.
وهنا يعالج الاسلام هذه الحالة المتوترة والجو المكفهر المحموم بحكمة وتدرج بالغين، فهو لا يسرع إلى رباط الزوجية المقدس فيصمه لأول وهلة، ولأول بادرة من خلاف، انه يشد على هذا الرباط بقوة، ويستمسك به في استماتة، فلا يدعه يفلت إلا بعد المحاولة واليأس.
انه يهتف بالرجال وعاشروهن بالمعروف، فلن كرهتموهن، فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا (النساء: 19)،