النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٩٩
ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين عليه السلام وولي عبد الملك بن مروان فاشتد الأمر على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف فتقرب إليه أهل النسك والصلاح ببغض علي وموالاة أعدائه وموالاة من يدعي قوم من الناس إنهم أيضا رووه فأكثروا من الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم وأكثروا من الغض من علي كرم الله وجهه وعيبه والطعن فيه والشنآن له حتى أن إنسانا وقف للحجاج ويقال إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب فصاح به أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا وإني فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج فتضاحك الحجاج وقال للطف ما توسلت به قد وليتك موضع كذا (وقد روى) ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر وقال إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقريبا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم (قلت) لا يلزم من هذا أن يكون علي عليه السلام يسوءه أن يذكر الصحابة والمتقدمون عليه بالخير والفضل إلا أن معاوية وبني أمية كانوا يبنون الأمر من هذا على ما يظنونه في علي كرم الله وجهه من أنه عدو من تقدم عليه ولم يكن الأمر في الحقيقة كما يظنونه ولكن ربما كان يرى أنه أفضل منهم وأنهم استأثروا عليه بالخلافة من غير تفسيق منه لهم ولا براءة منهم (انتهى) كلام المدائني.
(قلت) لم يسكت المحدثون الراسخون في علم الحديث والعارفون بأسماء رجاله وحالاتهم عن تمحيص هذه الأحاديث وفحصها بل امتحنوها وبينوا وضعها وأسبابه وإن بعض رواتها كذابون غير موثوق بهم كما بينوا أيضا كثيرا من الأحاديث الموضوعة في فضائل علي كرم الله وجهه فجزاهم الله عن نبيهم وأمته خير الجزاء.
(نعم) إن المحدثين إنما يطعنون فيمن دون طبقة الصحابة ولا يتجاسرون
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»