النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٥٩
من جهة المعنى على أنه لو صح ما ذكروه من الاستلزام للزمهم ذلك أيضا بحديث مسلم إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما فهذا الحديث كالصريح في الأمر بقتل معاوية ومؤدي الحديث الذي ذكروا أنه موضوع في الأمر بقتل واحد إذ هو منطبق تماما على معاوية فإنه أول من بويع له بالخلافة بالشام والخليفة الحق موجود والصحابة معذورون بعدم استطاعتهم لأنه متصحن بالآلاف المؤلفة من جنود الشام الذين لم يفرق كثير منهم بين الجمل والناقة والذين يعتقد الكثير منهم - بتغرير معاوية - إنه أقرب قريب إلى رسول الله (ص) وأصرح من حديث مسلم في هذا المعنى ما أخرجه أحمد في مسنده من قاتل عليا على الخلافة فاقتلوه كائنا من كان.
وإنما نبهت على هذا وبينته لأني رأيت كثيرا من أنصار معاوية قاموا وقعدوا وشددوا النكير والسباب والحنق على ناقلي ذلك الحديث استعظاما منهم للأمر بقتل معاوية الذي أمر الله في القرآن بقتاله وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث مسلم بقتله. وقد أجمع أهل السنة والشيعة على وجوب قتال معاوية علينا لو حضرناه وإن قتله إذ ذاك حسنة وفضيلة يثاب فاعلها عليها. قال أبو حنيفة رحمه الله أتدرون لم يبغضنا أهل الشام قالوا لا قال: لأنا نعتقد أن لو حضرنا عسكر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لكنا نعين عليا على معاوية وتقاتل معاوية لأجل علي فلذلك لا يحبوننا كذا في التمهيد في بيان التوحيد لأبي شكور السلمي. وقد كابر الشيخ ابن حجر في تطهير الجنان مكابرة عظيمة لا تليق بذوي العلم والإنصاف عند ذكره فساد ذلك الحديث من جهة المعنى حتى زعم هناك أن معاوية احتال على سيدنا علي كرم الله وجهه حتى خلع نفسه عن الخلافة بخلع نائبه أبو موسى الأشعري عن الخلافة له عند تحكيمه وتحكيم عمرو بن العاص وزعم أيضا أن الصحابة كلهم اتفقوا على أنه الخليفة الحق وأنه لم يطعن عليه أحد من أعدائه فضلا عن أصدقائه
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»