وجدوه من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه وأن يغيروا على سائر أعماله ويقتلوا أصحابه ولا يكفوا أيديهم عن النساء والصبيان فمر بسر لذلك على وجهه حتى انتهى إلى المدينة فقتل بها أناسا من أصحاب علي عليه السلام وأهل هواه وهدم بها دورا ومضى إلى مكة وقتل نفرا من آل المهلب ثم إلى السراة فقتل بها من وجد من أصحابه وأتى نجران وقتل عبد الله بن عبد المدان الحارث وابنه وكانا من أصهار ابن العباس عامل علي عليه السلام ثم أتى اليمن وعليها عبيد الله ابن العباس رضي الله عنهما عامل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وكان غائبا فلم يصادفه بسر ووجد ابنين له صبيين فأخذهما بسر لعنه الله وذبحهما بيده بمدية كانت معه ثم انكفأ راجعا إلى معاوية وفعل مثل ذلك سائر من بعثه معاوية فقصد الغامدي الأنبار فقتل ابن حسان البكري وقتل رجالا كثيرين ونساء من الشيعة (انتهى) قلت: أين يفلت معاوية وبسر كلاهما بعد أن فعلا بالمدينة ما فعلا من الوعيد الشديد الذي جاء عن الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وآله في حق من كاد أهل المدينة أو أرادهم بسوء أو ظلمهم أو أخافهم وأنى ينجوان من ذلك وبم يستنجيان من غضب الله ولعنته وبأي تأويل يحاول أنصارهما تبريرهما من ذلك فقد روي في الصحيحين وغيرهما عن سعد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء زاد مسلم ولا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا إذا به الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء وروى النسائي والطبراني عن السائب بن خلاد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فاخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وفي رواية للطبراني قال من أخاف أهل المدينة أخافه الله يوم القيامة وغضب عليه ولم يقبل منه صرفا ولا عدلا وما فعله بسر في المدينة حال كونه
(٥٤)