النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٥١
ثم إن سوابق هؤلاء في الإسلام ونصحهم لله ورسوله وفقههم في الدين وحسن بلائهم في الجهاد مع نبي الله وشهادته لهم بالجنة تدل دلالة قوية على سلامة مقصدهم واشتباه الأمر عليهم حتى إذا اتضح رجعوا إليه وتابوا واستغفروا والله غفور رحيم وليس كذلك معاوية وأعوانه في صفين وغيرها فأنهم خرجوا أشرا وبطرا وطعما في الدنيا وفيما لاحق لهم فيه من الخلافة متسترين بالطلب بدم عثمان على أن سوابقهم في الإسلام سوابق سوء تشهد بها الأخبار والسير ومع ذلك فقد أصروا على بغيهم وعنادهم وحينئذ فلا يلزم الزبير وطلحة وعائشة ما يلزم معاوية مما جوزه أهل الحق من لعنه ووجوب بغضه لا جعلنا الله من أنصاره ولا من المشوهين وجه الدين بالمغالطة في شأنه آمين.
ولعلك تقول متجاسرا كما أن طلحة والزبير وعائشة رضوان الله عليهم مجتهدون في أعمالهم ولهم أجر من اجتهد فأخطأ فكذلك معاوية فنقول:
هذه مقالة قد سبقك بها كثير من أنصاره وقد نفخت بها أبواق ودقت بها طبول ولكن الحق فيها أبلج واضح أما كونه من أهل الاجتهاد فمسلم لأن له من الذكاء والدهاء والحذق والعلم بالعربية وأساليب الكلام ما لا يدانيه فيه كثير من المجتهدين ولكنه مجتهد عرف أن الحق من كل الوجوه مع علي عليه السلام ثم خالفه عنادا وبغيا وحبا للجاه والمال ولو كان خروجه لرسيس من شبهة أو وميض من طلب حق لما أصر على بغيه بعد قتل عمار ولرجع كمن رجعوا.
وإن مما يقرب من المستحيل أن يؤديه ذكاؤه الخارق ودهاؤه العظيم وحذقه الثاقب إلى اعتقاد أنه أحق شئ من الأمر من علي كرم الله وجهه وممن مع علي من المهاجرين ذوي السوابق الحسنة كيف وقد أجمع على تخطئته فيما فعل الخاص والعام من المسلمين اللهم إلا نفرا استغواهم هو
(٥١)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»