الصديق رضي الله عنه جازمون بحل سبي نسائهم وذراريهم واغتنام أموالهم على أن طوائف منهم كما لك بن نويرة وقومه بني يربوع وغيرهم من قبائل العرب لم يحكم بردتهم إلا لأنهم امتنعوا عن أداء الزكاة إلى الخليفة وقالوا زكاة اغنيائنا نردها على فقرائنا ولم يجحدوا وجوبها وكانوا يقيمون الصلاة فحق عليهم ما حق بذلك الامتناع ولم يلتمس أحد لهم تأويلا بأنهم ربما كانوا ظانين جواز ذلك لدليل قام عندهم أو لاجتهاد منهم وهذا معاوية لم يمنع الزكاة فقط عن تسليمها إلى الخليفة كما فعلوا بل استولى على أموال بيت مال المسلمين كلها من زكاة وغيرها واصطفى بيضاءها وصفراءها ثم فعل كبائر الأفاعيل المنهى عنها وعثا في الأرض فسادا ثم تجدهم مع هذا كله يتمحلون له بأنه مجتهد وأنه مثاب أيضا قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون رب احكم بيننا وبين قومنا بالحق.
لعمر الله إن الحيرة لتغلب على رأي الحكيم في أفعال هؤلاء القوم وما ينسبون معاوية إليه من صلاح النية والاجتهاد والطلب بدم عثمان ونحو ذلك حتى أن العاقل ليسئ بهم الظن مغلوبا على أمره لا يجد من ذلك مخرجا كيف يتصور صلاح النية وهو يقاتل المهاجرين والأنصار وأنى يصح الاجتهاد في مقابلة النص على بغيه بقتل عمار وأين الطلب بدم عثمان من الفساد في الأرض وإرسال السرايا والبعوث إلى كل ناحية للقتل والنهب وقتل الأطفال والضعفاء والنساء وارتكاب العظائم مما لم يجوزه النبي صلى الله عليه وآله حتى مع المشركين.
نقل أبو الفرج الأصفهاني بسنده وغيره أن معاوية بن أبي سفيان بعث بسر بن أرطأة بعد تحكيم الحكمين وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يومئذ حي وبعث معه جيشا ووجه الضحاك بن قيس الفهري في جيش آخر وضم جيشا آخر إلى رجل من غامد وأمرهم أن يسيروا في البلاد فيقتلوا كل من