وكان جعفر بالحبشة، ولم تكن صلاة الجنائز شرعت (1).
وبعد كل هذه الأخبار المستفيضة والاهتمام العظيم الذي أولاه أبو طالب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسعيه واجتهاده في حفظه، وتصريحاته المنثورة والمنظومة في أحقية هذا الدين كيف يصار إلى أقوال الكذابين والقاسطين من أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) من أمثال معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة وأبي هريرة؟!
ويعرض عن الاستغفار والترحم والدعاء والحزن والبكاء الذي شاهدوه ورووه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، مع ما شاهدوه منه قبيل وفاته حينما عقد الإبهام على الخنصر والبنصر وأرسل المسبحة والسبابة إشارة إلى «لا إله إلا الله» كما قال المجلسي؟!
وفعله هذا صريح في نفي الآلهة وإثبات الإله الواحد، كما شرح ذلك مفصلا المجلسي في أربعينه.
روي في الإحتجاج للطبرسي والأمالي للطوسي، عن الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام): إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان ذات يوم جالسا في الرحبة والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! أنت بالمكان الذي أنزلك الله به وأبوك معذب في النار؟!
فقال له علي (عليه السلام): مه، فض الله فاك، والذي بعث محمدا بالحق نبيا، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم، أبي معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار؟ والذي بعث محمدا بالحق نبيا; إن نور أبي يوم القيامة يطفئ أنوار الخلائق إلا خمسة أنوار: نور محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ونوري ونور الحسن والحسين ونور تسعة