بالآلات المعدة لجذب وجلب وحمل وقطع اللقمة، فيتناولون لقمتين أو ثلاثا ثم يعيبون الطعام وينظرون إلى المائدة نظرة استغناء، ويحضرون لهؤلاء المتكبرين على نعمة رب العالمين ألوان الطعام رياء وسمعة وفي محلتهم ألف فقير لم يؤذن لواحد منهم بالدخول، وحصتهم من الوليمة استشمام روائح الأطعمة إن كانوا جيرانا. ولو دخل فقير قهرا أو اتفاقا واستطاع الإفلات من المزاحمات وطوى المسافات والرواقات، وخرق الحجب وتجاوز الحجاب وحراس الثغور والأبواب، وأوصل نفسه إلى الحفل، فإنهم سرعان ما يوكلون به من يلتزمه ويقولون له: التزم هذا الفقير فورا وعلمه ماذا يفعل وأعطه عشاءه، وهذه التوصية تتم رسميا، أما الواقع فمعناه لا تجعلوا لهذا الفقير إلى الحفل سبيلا وأعطوه قليلا من العشاء وأخرجوه من المجلس لئلا تؤثر ملابسه الرثة على حريرهم واستبرقهم فيبلى.
ومثل هذه الولائم ليست مستحبة; بل هي محرمة ولا تسمى وليمة أصلا.
قال الباقر (عليه السلام): الوليمة يوم ويومان مكرمة، وثلاثة أيام رياء وسمعة (1).
وفي الوسائل عن أبي الحسن (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا وليمة إلا في خمس: في عرس، أو خرس، أو عذار، أو وكار، أو ركاز; فالعرس التزويج، والخرس النفاس بالولد، والعذار الختان، والوكار الرجل يشتري الدار، والركاز الرجل يقدم من مكة (2).
وذكر الفقهاء العظام والعلماء الكرام أخبارا في باب الأطعمة والأشربة تدل على أن طعام العرس غالبا ما يكون هنيئا مريئا له طعم ورائحة خاصة، فعن