ومثل العقل في القلب كمثل سراج في وسط البيت» (1).
وقيل: إن بين المجردات والماديات علاقة ورابطة دون أن تتجزء حقيقتها أو يحل جزء من الأجزاء في المواد الحسية والمحال المرتبة; لأنهما متغايران متباينان من حيث الحقيقة والصفة; وكيفية العلاقة بينهما من قبيل العلاقة بين الشمس والأقاليم، وعلاقة الروح بالبدن علاقة ذي الظل بالظل على نحو تكون فيه صفاتها وآثارها سارية في تلك المظاهر، بحيث لو سلبت العلاقة لانعدمت وفنت. وهذه العلائق موجودة في بعض الأشياء بالأسباب، وفي بعضها بدون أسباب، وهذه الظهورات والتجليات منوطة بقابلية المظهر والقابل، فكلما ازدادت قابلية المظهر وصل إليه الفيض من الفياض على الإطلاق من العالم العلوي أكثر، وبرزت فيه الكمالات الحقة والصفات الإلهية أكثر من السائرين، والفيض الإلهي كالعين الفياضة دائما، أو كالذرات الشمسية التي تتصل إشراقاتها على الأقاليم والوجودات الكونية وتسطع فيها.
ويقال: أن العوالم العلوية ثمانية عشر: العقل الكلي، والنفس الكلي، والطلعة الكلية، والجوهر الهبا، والشكل الكلي، والجسم الكلي، والعرش، والكرسي، والسماوات السبع، وكرة النار، وكرة الهواء، والشخص الأول، والفيض الأكمل، والرأس الرئيس في هذه العوالم هو العقل، وكل ما يصل إلى ما دونه فهو بواسطته، وإلى هذا المعنى أشار المولوي في قوله:
عقل اول راند بر عقل دوم * ما هي از سر كنده كرده نى زدم (2)