النبوة (عليهم السلام)، فشب على ذلك ولم يحد عنهم، بل بقي ثابتا راسخا.
ومن غرائب الوقائع وعجائب الدهر أن تكون تلك المخدرة المكرمة في حبائل أبي بكر وتشهد عليه وترد قوله في قصة فدك، وتشهد على رؤوس الأشهاد خلافا لهوى زوجها وهوى الآخرين، وتقول لهم: «إنكم ظلمة جائرون غصبتم حق من له الحق، فأعيدوه إلى نصابه».
ولما أرادوا قتل أمير المؤمنين وأمروا خالد بن الوليد بتنفيذ ذلك في الصلاة، بعثت جاريتها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالت له: ﴿إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إني لك من الناصحين﴾ (1) فقال أمير المؤمنين للجارية: قولي لها: «إن الله يحول بينهم وبين ما يريدون»; أو أنه قال: «فمن يقتل الناكثين والقاسطين والمارقين، وإن الله بالغ أمره».
فندم أبو بكر - وهو في الصلاة - على ما اتفق عليه مع خالد، وخاف من سيوف بني هاشم المسلولة ونفوسهم الأبية، فقال قبل تسليم الصلاة: «أي خالد لا تفعل ما أمرتك» ثم سلم (2)... إلى آخر الخبر.
وهنا كلام بين الشيعة والسنة في جواز الخروج من الصلاة بدون سلام، حيث ذهب بعض فقهاء المذاهب الأربعة إلى جواز ذلك، استنادا إلى عمل أبي بكر خلافا للنص وعدولا عن الحق ورغما للدين وقياسا للشيطان وطلبا لما لا يرضاه الرحمن، وسيأتي في باب غصب فدك استعراض هذه الأقوال الواهية لذي الأغراض والأهواء، وبيان الدليل والبرهان على أحقية دعوى الشيعة. ومر شيء منها في الحديث عن أم أيمن.