عن العادة لتبقى مقيمة في بيت المقدس وتتفرغ لخدمته، فلما اطمئنت حنة شكرت ربها وسمتها حسب ما سيؤول إليه أمرها «مريم»، أي البنت التي صارت منذ بدو تكليفها محررة لخدمة البيت.
وبعبارة أخرى: إن المقصود من الولد الذكر هو ملازمة بيت المقدس والإقامة فيه، فلما ارتفع المانع من البنت جرى عليها التكليف فتحقق الغرض وحصل المقصود.
ويدل قوله تعالى: ﴿إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم﴾ (1) دلالة واضحة على أن أم مريم كانت قد نذرت أنها إن رزقت ولدا جعلته محررا. وسبب نذرها كما في كتب التفاسير المعتبرة: أن حنة كانت عقيما، فآيست من الولد، غير أنها كانت تدعو الله دائما أن يرزقها ولدا ذكرا، ورأت يوما طائرا على غصن يزق فرخه فرقت وتضرعت إلى الله وتوسلت إلى الرب القادر وعرضت حاجتها على رب القضاء، وتوسلت بلسان الدعاء: أن يا رب يا قدير ألا تتفضل على هذه الضعيفة العاجزة وتمن عليها وترزقها ولدا يعبدك ويكون محررا لك، فاستجاب الله دعاءها وأعطيت سؤلها وحملت بمريم المقدسة، وقبل الله منها هذه الأنثى بدل الذكر (2).
ثم إن زوجها عمران كان موعودا بذكر، فكانت مريم للأم وعيسى للأب كما ورد في الأخبار المذكورة في محلها.