الغرض من ذكر هذا الخبر خطاب أمير المؤمنين لفاطمة المخدرة بهذا اللقب النبيل الجليل; والسبب في ذلك قد يعود إلى وجهين:
الأول: كأنه (عليه السلام) يريد أن يقول لها: يا فاطمة إني لا ألزمك بالإذن لهما فأنت «حرة» مختارة مطاعة، لك أن تأذني لهما ولك أن تمنعيهما، والأمر موكول لرضاك، فإن شئت وإلا فلا. فأجابته (عليها السلام) بكمال الأدب: إني وإن كنت «حرة»، إلا أني مطيعة لك لا أتخلف عن أمرك.
وفي خبر «الحرة أمتك» أي إني وإن كنت حرة، إلا أن البيت بيتك وأنا أمتك أطيعك فيما تأمر.
الوجه الثاني: مبني على أن معنى الحرة هي الكريمة، وعادة الكرام أن يقدم مدحهم وذكر كرمهم وجودهم قبل الحاجة ليكون سببا في استدرار عطفهم واستدراج كرمهم لإنجاح الطلب والوصول إلى المسؤول، فكأنه (عليه السلام) قال: يا فاطمة هذان استأذناني في الدخول، فلو أذنت لهما بكرمك وعطفك، فأجابت بأدب: أنا لست الحاكمة في هذا البيت، وليس لي فيه شئ معك، فأنت الآمر الناهي.
وإن كان معنى الحرة «الخالصة»، فكأنه (عليه السلام) قال: عملك خالص ليس فيه شئ من التعلقات الدنيوية والميولات النفسانية، وليس في طينتك وسجيتك غلظة ولا فظاظة، فلا تؤذي نفسك وأغضي عما طلبا مني وأذني لهما بالدخول والإعتذار فإن هذا الإعتذار إقرار منهما وتأكيد لشناعة فعلهما، وطلبهما الإعتذار دليل على أنهما ظلما وجاءا يطلبان الصفح بكرمك ويريدان العفو منك. فأذنت (عليها السلام) لهما وحاججتهما وأسكتتهما فأذعنا، ثم طردتهما من عندها وأجلت الخصومة