السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٩
كان في الخلافة سبعة اشهر وقيل ستة اشهر ولما سار إلى قتال معاوية كان معه أكثر من أربعين ألفا فلما سار عدا عليه شخص وضربه بخنجر في فخذه ليقتله فقال الحسن قتلتم أبي بالأمس ووثبتم علي اليوم تريدون قتلي زهدا في العادلين ورغبة في القاسطين لتعلمن نبأ بعد حين أي ويذكر انه بينما هو يصلي إذ وثب عليه شخص فطعنه بخنجر وهو ساجد ثم خطب الناس فقال يا أهل العراق اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم ونحن أهل البيت الذين قال الله فيهم * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فما زال يقولها حتى ما بقي احمد من أهل المسجد إلا وهو يبكي ثم كتب إلى معاوية رضي الله عنهما بتسليم الأمر أي بعد أن أرسل إليه معاوية رضي الله عنه رجلين يكلمانه في الإصلاح فإن عمرو بن العاص لما رأى الكتائب مع الحسن أمثال الجبال قال لمعاوية إني لأرى هذا الكتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها فخلع الحسن رضي الله عنه نفسه وسلم الأمر إلى معاوية تورعا وزهدا وقطعا للشر وإطفاء لثائرة الفتنة وتصديقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله المتقدم وغص منه شيعته حتى قال له بعضهم يا عار المؤمنين سودت وجوه المؤمنين فقال العار خير من النار وقال له بعضهم السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال له لا تقل ذلك كرهت أن أقتلكم في طلب الملك وعند ذلك أي لما انبرم الصلح طلب منه معاوية رضي الله عنها أن يتكلم بجمع من الناس ويعلمهم أنه سلم الأمر إلى معاوية فأجابه إلى ذلك وصعد المنبر وحمد الله إلى أن قال في خطبته أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا إلا إن أكيس الكيس التقى وأعجز العجز الفجور وإن هذا الأمر الذي اختلفت أنا ومعاوية فيه إما أن يكون أحق به مني أو يكون حقي فإن كان حقي فقد تركته لله ولصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائهم ثم التفت رضي الله عنه إلى معاوية وقال * (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) * أي ثم انتقل من الكوفة إلى المدنية وأقام بها وكان من جملة ما اشترطه على معاوية رضي الله عنه أن يكون الأمر شورى بين المسلمين بعده ولا يعهد إلى أحد من بعده عهدا وقيل على أن يكون الأمر للحسن بعده فلما سم الحسن اتهم ذلك زوجته بنت الأشعث بن قيس وأن ذلك بدسيسة من يزيد ولد معاوية ووعدها أن يتزوجها وبذل
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»