السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١١
تجدن في نفسك من قوله فرد عليه عثمان فقام ذلك الرجل فلطم عينه والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان فقال أما والله يا ابن أخي كانت عينك عما أصابها لغنية ولقد كنت في ذمة منيعة فخرجت منها وكنت عن الذي لقيت غنيا فقال عثمان رضى الله تعالى عنه بل كنت إلى الذي لقيت فقيرا والله ان عيني الصحيحة التي لم تلطم لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله عز وجل ولى فيمن هو أحب إلى منكم أسوة وانى لفى جوار من هو أعز منك انتهى فعثمان فهم أن لبيدا أراد بالنعيم ما هو شامل لنعيم الآخرة ومن ثم قال له نعيم الجنة لا يزول لا يقال لولا أن لبيدا يريد مطلق النعيم الشامل لنعيم الآخرة لما تشوش من الرد عليه لأنا نقول يجوز أن يكون تشوشه من مشافهة عثمان له بقوله كذبت على أن هذا السياق دال على أن لبيدا قال هذا الشعر قبل اسلامه ويؤيده ما قيل أكثر أهل الأخبار على أن لبيدا لم يقل شعرا منذ أسلم وبه يرد ما في الاستيعاب أن هذا أي قوله أ لا كل شئ إلى اخره شعر حسن فيه ما يدل على أنه قاله في الاسلام وكذلك قوله * وكل امرئ يوما سيعلم سعيه * إذا كشفت عند الاله المحاصل * وقد يقال لا يلزم من قوله المذكور الذي لا يصدر غالبا الا عن مسلم أن يكون قاله في حال اسلامه كما وقع لامية بن أبي الصلت حيث قال في شعره ما لا يقوله الا مسلم مع كفره ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم فيه امن شعره وكفر قلبه وفى رواية كاد يسلم وذكر محيي الدين بن العربي في قوله صلى الله عليه وسلم أصدق بيت قالته العرب وفى رواية أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد ألا كل شئ ما خلا الله باطل اعلم أن الموجودات كلها وان وصفت بالباطل فهي حق من حيث الوجود ولكن سلطان المقام إذا غلب على صاحبه يرى ما سوى الله تعالى باطلا من حيث إنه ليس له وجود من ذاته فحكمه حكم العدم وهذا معنى قول بعضهم قوله باطل أي كالباطل لان العالم قائم بالله تعالى لا بنفسه فهو من هذا الوجه باطل والعارف إذا وصل إلى مقامات القرب في بداية عرفانه ربما تلاشت هذه الكائنات وحجب عن شهودها بشهود الحق لا أنها زالت من الوجود بالكلية ثم إذا كمل عرفانه يشهد الحق تعالى
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»