السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٦
وسوس اليه الشيطان بكلمتين فتكلم بهما ظانا أنهما من جملة ما أوحى اليه وهما تلك الغرانيق العلى أي الأصنام وان شفاعتهن لترتجى وفى لفظ لهى التي ترتجى شبهت الأصنام بالغرانيق التي هي طير الماء جمع غرنوق بكسر الغين المعجمة واسكان الراء ثم نون مفتوحة أو غرنوق بضم الغين والنون أيضا أو غرنوق بضم الغين وفتح النون وهو طير طويل العنق وهو الكركي أو يشبهه ووجه الشبه بين الأصنام وتلك الطيور أن تلك الطيور تعلو وترتفع في السماء فالأصنام شبهت بها في علو القدر وارتفاعه ثم مضى يقرأ السورة حتى بلغ السجدة فسجد وسجد القوم جميعا أي المسلمون والمشركون أقول قال بعضهم ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان وانما سمع ذلك المشركون فسجدوا لتعظيم الهتهم ومن ثم عجب المسلمون من سجود المشركين معهم من غير ايمان قال بعضهم والنجم هي أول سورة نزل فيها سجدة أي أول سورة نزلت جملة كاملة فيها سجدة فلا ينافي أن * (اقرأ باسم ربك) * سورة نزلت فيها سجدة لان النازل منها أوائلها كما علمت وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم قرأ يوما * (اقرأ باسم ربك) * فسجد في اخرها وسجد معه المؤمنون فقام المشركون على رؤوسهم يصفقون وقد روى أبو هريرة رضى الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم سجد في النجم أي غير سجدته المتقدمة التي سجد معه المشركون ومجموع ذلك يرد حديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شئ من المفصل قبل أن يتحول إلى المدينة لان سورة النجم من المفصل لان عند أئمتنا أن أول المفصل الحجرات على الراجح من أقوال عشرة لا يقال لعل ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ممن يرى أن النجم ليس من المفصل لأنا نقول * (اقرأ باسم ربك) * من المفصل اتفاقا وعلى ما قال أئمتنا يكون في المفصل ثلاث سجدات في النجم والانشقاق * (اقرأ باسم ربك) * وهى أي النجم أول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وذكر الحافظ الدمياطي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رأى من قومه كفا عنه أي تركا وعدم تعرض له فجلس خاليا فتمنى فقال ليته لم ينزل على شئ ينفرهم عنى وفى رواية تمنى أن ينزل عليه ما يقارب بينه وبينهم حرصا على اسلامهم وقارب رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه ودنا منهم ودنوا منه فجلس يوما مجلسا في ناد من تلك الأندية حول الكعبة فقرأ عليهم * (والنجم إذا هوى) * إلى اخر ما تقدم والله أعلم
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»