السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٩
وفى رواية فلما انتهوا إلى فم الغار قال قائل منهم ادخلوا الغار فقال أمية بن خلف وما أربكم أي حاجتكم إلى الغار أن عليه لعنكبوتا كان قبل ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم أي ولو دخل الغار لانفتح ذلك العنكبوت وتكسر البيض وهذا يدل على أن البيض لم يكن فرخ أي ويحتمل أن بعض البيض فرخ وبعضه لم يفرخ ثم جاء قبالة فم الغار فبال فقال أبو بكر يا رسول الله إنه يرانا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر لو كان يرانا ما فعل هذا وفى بعض الروايات لو رآنا ما تكشف عن فرجه أي ما استقبلنا بفرجه وبوله وقال أبو جهل أما والله إني لأحسب قريبا يرانا ولكن بعض سحره قد أخذ على أبصارنا فانصرفوا وذكر ابن كثير أن بعض أهل السير ذكر أن أبا بكر رضى الله تعالى عنه لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه قال له النبي صلى الله عليه وسلم لو جاءونا من ها هنا لذهبنا من ها هنا فنظر الصديق إلى الغار قد انفرج من الجانب الآخر وإذا البحر قد اتصل به وسفينة مشدودة إلى جانبه قال ابن كثير وهذا ليس بمنكر من حيث القدرة العظيمة ولكن لم يرد ذلك بإسناد قوى ولا ضعيف ولسنا نثبت شيئا من تلقاء أنفسنا ونهى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ عن قتل العنكبوت وقال إنها جند من جند الله انتهى وعن أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه أنه قال لا أزال أحب العنكبوت منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبها ويقول جزى الله العنكبوت عنا خير فإنها نسجت على وعليك يا أبا بكر إلا أن البيوت تطهر من نسجها أي ينبغي ذلك لما تقدم أن وجود نسجها في البيوت يورث الفقر وفى الجامع الصغير جزى الله العنكبوت عنا خيرا فإنها نسجت على الغار أقول فيه أن في الحديث العنكبوت شيطان فاقتلوه وفى لفظ العنكبوت شيطان مسخه الله فاقتلوه فإن صح وثبت تأخره فهو ناسخ له وإن كان متقدما على ما هنا وصح ما هنا فهو منسوخ به والله أعلم وبارك صلى الله عليه وسلم على الحمامتين وفرض جزاء الحمام وانحدرتا في الحرم فأفرختا كل شئ في الحرم من الحمام أي ولأجل ذلك ذهب الغزالي من أئمتنا إلى صحة الوقف على حمام مكة دون غيره من الطيور وهو الراجح
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»