السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٤
وسلم الغار حتى قطرت قدماه دما وفى كلام السهيلي عن أبي بكر رضى الله تعالى عنه أنه قال نظرت إلى قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار وقد تقطرتا دما قال بعضهم وبشبه أن يكون ذلك من خشونة الجبل وإلا فبعد المكان لا يحتمل ذلك أو لعلهم ضلوا طريق الغار حتى بعدت المسافة ويدل عليه قوله فمشى ليلته رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى لفظ فانتهينا إلى الغار مع الصبح ولا يحتمل ذلك مشى ليلته إلا بتقدير ذلك أو أنه صلى الله عليه وسلم كما قيل ذهب إلى جبل حنين فناداه اهبط عنى فإني أخاف أن تقتل على ظهري فأعذب فناداه جبل ثور إلى يا رسول الله وساق في الأصل رواية تقتضى أنه ذهب إلى غار ثور راكبا ناقته الجدعاء ث 4 م رأيته في النور أشار إلى أن ركوبه صلى الله عليه وسلم الجدعاء إنما كان بعد خروجه من الغار لا أنه ركبها من منزل أبى بكر إلى الغار كما هو ظاهر الرواية وفى الخصائص الكبرى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما لما تشاور المشركون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطلع الله نبيه على ذلك فخرج تلك الليلة حتى أتى الغار فلما أصبحوا اقتفوا أثره صلى الله عليه وسلم فلما بلغوا الجبل الحديث أي وهو مخالف لما تقدم من أن خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الغار كان في الليلة الثانية لا في ليلة حروجه على قريش وقد يقال لا منافاة لأن قوله حتى لحق بالغار غاية لمطلق الخروج من بيته لافى خصوص تلك الليلة أي خرج من بيته واستمر على خروجه حتى لحق بالغار وذلك في الليلة الثانية لكن تقدم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى بيت أبى بكر متقنعا في وقت الظهيرة فليتأمل وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا بخروجه إلى الهجرة وأمره أن يتخلف بعده حتى يؤدى عنه الودائع التي كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس لأنه لم يكن بمكة أحد عنده شئ يخشى عليه إلا وضعه عنده صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من أمانته أي ولعل إعلام على بذلك كان عند توجهه صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبى بكر لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم اجتمع بعلى رضى الله تعالى عنه بعد ذلك إلا في المدينة لكن سيأتي عن الدر ما تقتضى أنه اجتمع به عند خروجه من الغار وفى الفصول المهمة أنه صلى الله عليه وسلم وصى عليا رضى الله تعالى عنه بحفظ
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»