وفى لفظ كان لا يخطئ أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت أبى بكر أحد طرفي النهار إما بكرة وإما عشيا أي ويحتاج إلى الجمع بين هاتين الروايتين على تقدير صحة الثانية وإلا فالأولى في البخاري وتفسير التقنع بالتطيلس ذكره الحافظ ابن حجر حيث قال قوله متقنعا أي متطيلسا وهو أصل في لبس الطيلسان هذا كلامه واعترضه ابن القيم حيث قال لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه لبس الطيلسان ولا أحد من أصحابه وحينئذ لا يكون القناع هنا هو الطيلسان بل التقنع تغطية الرأس وأكثر الوجه بالردء من غير أن يجعل منه شئ تحت رقبته الذي يقال له التحنيك وحمل قول ابن القيم المذكورعلى الطيلسان المقور التي تلبسها اليهود قال بعضهم وهذا الطيلسان المقور هو المعروف بالطرحة وقد اتخذت خلفاء بنى العباس الطرحة السوداء على العمامة عند الخطبة واستمر ذلك شعارا للخلفاء فالحاصل أن ما يغطى به الرأس مع أكثر الوجه إن كان معه تحنيك أي إدارة على العنق قيل له طيلسان وربما قيل له رداء مجازا وإن لم يكن معه تحنيك قيل له رداء أو قناع وربما قيل له مجازا طيلسان وهو ما كان شعارا في القديم لقاضي القضاة الشافعي خاصة قال بعضهم بل صار شعارا للعلماء ومن ثم صار لبسه يتوقف على الإجازة من المشايخ كالإفتاء والتدريس وكان الشيخ يكتب في إجازته وقد أذنت له في لبس الطيلسان لأنه شهادة بالأهلية وما يجعل على الأكتاف دون الرأس يقال له رداء فقط وربما قيل له طيلسان أيضا مجازا وصح عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه وله حكم المرفوع التقنع من أخلاق الأنبياء وقد ذكر بعضهم أن الطيلسان الخلوة الصغرى وفى حديث لا يتقنع إلا من استكمل الحكمة في قوله وفعله وكان ذلك من عادة فرسان العرب في المواسم والجموع كالأسواق وأول من لبس الطيلسان بالمدينة جبير بن مطعم رضى الله تعالى عنه وعن الكفاية لابن الرفعة أن ترك الطيلسان للفقيه مخل بالمروءة أي وهو بحسب ما كان في زمنه رحمه الله وفى الترمذي لم تكن عادته صلى الله عليه وسلم التقنع إنما كان يفعله لحر أو برد وتعقب بأن في حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم كان يكئر التقنع وفى طبقات ابن سعد مرسلا أنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا ثوب لا يؤدى شكره أي لأن فيه غض البصر ومن ثم قيل إنه الخلوة الصغرى كما تقدم
(١٩٨)