السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢١٠
ونظر في الإمتاع في كون حمام الحرم من نسل ذلك الزوج فإنه روى في قصة نوح عليه الصلاة والسلام أنه بعث الحمامة من السفينة لتأتيه نخبر الأرض فوقعت بوادي الحرم فإذا الماء قد نضب من موضع الكعبة وكانت طينتها حمراء فاختضبت رجلاها ثم جاءته فمسح عنقها وطوقها طوقا ووهب لها الحمرة في رجليها وأسكنها الحرم ودعا لها بالبركة وفى شعر الحادث بن مضاض الذي أوله * كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر * * ويبك لبيت يؤذى حمامه * يظل به أمنا وفيه العصافر * ففي هذا أن الحمام قد كان في الحرم من عهد جرهم أي ونوح وذكر بعضهم أن حمام مكة أظله صلى الله عليه وسلم يوم فتحها فدعا له بالبركة ويروى أن أبا بكر رضى الله تعالى عنه لما رأى قريشا أقبلت نحو الغار خصوصا ومعهم القافة بكى أي ويقال لما سمع القائف يقول لقريش والله ما جاز مطلوبكم من هذا الغار حزن وبكى وقال والله ما على نفسي أبكى ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا وأنزل الله تعالى سكينته على أبى بكر رضى الله تعالى عنه أي وأنزل عليه أمنته التي تسكن عندها القلوب قيل قال له لا تحزن ولم يقل له لا تخف لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا النهى تأنيس وتبشير له كما في قوله تعالى له صلى الله عليه وسلم * (ولا يحزنك قولهم) * وبه يرد ما زعمته الرافضة أن ذلك غضبا من أبى بكر وذماله لأن حزنه رضى الله تعالى عنه إن كان طاعة فالنبي صلى الله عليه وسلم لا ينهى عن الطاعة فلم يبق إلا أنه معصية وفى رواية عن أبي بكر رضى الله تعالى عنه قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه أي لأنهما علوا على رؤوسهما فعن أبي بكر قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما قال بعضهم كان معهما وثالثهما باللفظ والمعنى أما باللفظ فكان يقال يا رسول الله ويقال لأبى بكر يا خليفة رسول الله وأما بالمعنى فكان مصاحبا لهما بالنصر والهداية
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»