شرفا وأكثرهم مالا أي وأحسنهم جمالا وكانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة وفي لفظ كان يقال لها سيدة قريش لأن الوسط في ذكر النسب من أوصاف المدح والتفضيل يقال فلان أوسط القبيلة أعرفها في نسبها وكل قومها كان حريصا على نكاحها لو قدر على ذلك قد طلبوها وذكروا لها الأموال فلم تقبل فأرسلتني دسيسا أي خفية إلى محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن رجع في عيرها من الشام فقلت يا محمد ما يمنعك أن تتزوج فقال ما بيدي ما أتزوج به قلت فإن كفيت ذلك ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاية ألا تجيب قال فمن هي قلت خديجة قال وكيف لي بذلك بكسر الكاف لأنه خطاب لنفيسة قلت بلى وأنا أفعل فذهبت فأخبرتها فأرسلت إليه أن أئت لساعة كذا وكذا فأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها فحضر ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته فزوجه أحدهم أي وهو أبو طالب على ما يأتي وقال في خطبته وابن أخي له في خديجة بنت خويلد رغبة ولها فيه مثل ذلك فقال عمرو بن أسد هذا الفحل لا يقدح أنفه أي بالقاف والدال المهملة أي لا يضرب أنفه لكونه كريما لأن غير الكريم إذا أراد ركوب الناقة الكريمة يضرب أنفه ليرتدع بخلاف الكريم وكون المزوج لها عمها عمرو بن أسد قال بعضهم هو المجمع عليه وقيل المزوج لها أخوها عمرو بن خويلد وعن الزهري أن المزوج لها أبوها خويلد بن أسد وكان سكران من الخمر فألقت عليه خديجة حلة وهي ثوب فوق ثوب لأن الأعلى يحل فوق الأسفل وضمخته بخلوق أي لطخته بطيب مخلوط بزعفران فلما صحا من سكره قال ما هذه الحلة والطيب فقيل له لأنك أنكحت محمدا خديجة وقد ابتنى بها فأنكر ذلك ثم رضيه وأمضاه أي لأن خديجة استشعرت من أبيها أنه يرغب عن أن يزوجها له فصنعت له طعاما وشرابا ودعت أباها ونفرا من قريش فطعموا وشربوا فلما سكر أبوها قالت له إن محمد بن عبد الله يخطبني فزوجني إياه فزوجها فخلقته وألبسته لأن ذلك أي إلباس الحلة وجعل الخلوق به كان عادتهم أن الأب يفعل به ذلك إذا زوج بنته فلما صحا من سكره قال ما هذا قالت له خديجة زوجتني من محمد بن عبد الله قال أنا أزوج يتيم أبي طالب لا لعمري فقالت له خديجة ألا تستحى تريد أن تسفه نفسك عند قريش تخبرهم أنك كنت سكران فلم تزل به حتى رضى أي وهذا مما
(٢٢٤)