السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٢٠
وأقول لا يخفى ما في قول ميسرة اتجرنا لخديجة أربعين سنة ولعلها مصحفة عن سفرة أو هو على المبالغة والله أعلم ثم انصرف أهل العير جميعا راجعين مكة وكان ميسرة يرى ملكين يظللانه صلى الله عليه وسلم من الشمس وهو على بعيره إذا كانت الهاجرة واشتد الحر وهذا هو المعنى بقول الخصائص الصغرى وخص صلى الله عليه وسلم بإظلال الملائكة له في سفره ويحتمل أن المراد في كل سفر سافره لكن لم أقف على إظلال الملائكة له صلى الله عليه وسلم في غير هذا السفرة وقد ألقى الله تعالى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلب ميسرة فكان كأنه عبده فلما كانوا بمر الظهران أي وهو واد بين مكة وعسفان وهو الذي تسميه العامة بطن مرو وهو المعروف الآن بوادي فاطمة قال ميسرة للنبي صلى الله عليه وسلم هل لك أن تسبقني إلى خديجة فتخبرها بالذي جرى لعلها تزيدك بكرة إلى بكرتيك أي وفي رواية تخبرها بما صنع الله تعالى لها على وجهك فركب النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم حتى دخل مكة في ساعة الظهيرة وخديجة في علية أي في غرفة مع النساء فرأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل وهو راكب على بعيره وملكان يظللان عليه فأرته نساءها معجبن فعجبن لذلك ودخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخبرها بما ربحوا وهو ضعف ما كانت تربح فسرت بذلك وقالت أين ميسرة قال خلفته في البادية قالت عجل إليه ليعجل بالإقبال وإنما أرادت أن تعلم أهو الذي رأت أم غيره فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصعدت خديجة تنظر فرأته على الحالة الأولى فاستيقنت أنه هو فلما دخل عليها ميسرة أخبرته بما رأت فقال لها ميسرة قد رأيت هذا منذ خرجنا من الشام وإلى ذلك أشار الإمام السكي رحمه الله في تائيته بقوله * وميسرة قد عاين الملكين إذ * أظلاك لما سرت ثاني سفرة * وأخبرها ميسرة بقول الراهب نسطورا وقول الآخر الذي حالفه أي استحلفه في البيع أي وقصة البعيرين وحينئذ أعطت خديجة له صلى الله عليه وسلم ضعف ما سمته له أي وما سمته له ضعف ما كانت تعطيه لرجل من قومه كما تقدم وقول ميسرة له صلى الله عليه وسلم فيما تقدم لعلها تزيدك بكرة إلى بكرتيك يدل على أنها سمت له بكرتين وكانت تسمى لغيره بكرة وفي كلام بعضهم وفي الروض الباسم استأجرته على أربع بكرات
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»