السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٢٣٥
العاص فتقدم أنه كان نجارا إلا أن يقال باقوم مولى سعيد كان نجارا بناء واشتهر بالوصف الأول فكان الباني لها وفيه يحتمل أن يكون باقوم الرومي البناء كان نجارا أيضا واشتهر بالوصف الأول ثم رأيت في كلام بعضهم التصريح بذلك فقال وكان أي باقوم الرومي نجارا بناء فقول القائل وكان الباني لها باقوم النجار مراده باقوم الرومي لا مولى سعيد ثم رأيت في بعض الروايات ما يؤيد ذلك وهو وصف باقوم الرومي بأنه كان نجارا ونصها فخرجت قريش لتأخذ خشبها أي السفينة التي كسرت فوجدوا الرومي الذي فيها نجارا فقدموا به وبالخشب فقد دلت الروايتان على أنه موصوف بالوصفين ويحتمل أن يكون أحدهما بناها والآخر عمل سقفها أو أنهما أشتركا فيها لما علمت أن كلا منهما كان بانيا نجارا ثم رأيت عن ابن إسحاق وكان بمكة قبطي يعرف تجر الخشب وتسويته فوافقهم على أن يعمل لهم سقف الكعبة ويساعده باقوم أي الرومي فالقبطي هو مولى سعيد بن العاص وحينئذ في هذه الرواية وصف باقوم الرومي بأنه كان نجارا كالرواية التي قبلها وسيأتي في الرواية التي تلي هذه أنه الذي بناها وهي في الإصابة اسم الرجل الذي بنى الكعبة لقريش باقوم وكان روميا وكان في سفينة حبستها الريح فخرجت إليها قريش فأخذوا خشبها وقالوا له ابنها على بنيان الكنائس وإن باقوم الرومي أسلم ثم مات فلم يدع وارثا فدفع النبي صلى اليه عليه وسلم ميراثه لسهيل بن عمرو ثم لما بنوها جعلوها مدماكا من خشب الساج ومدماكا من الحجارة من أسفلها إلى أعلاها وزادوا فيها تسعة أذرع فكان ارتفاعها ثمانية عشر ذراعا ورفعوا بابها من الأرض فكان لا يصعد إليها إلا في درج وضاقت بهم النفقة عن بنيانها على تلك القواعد فأخرجوا منها الحجر وفي لفظ أخرجوا من عرضها أذرعا من الحجر وبنوا عليه جدارا قصيرا علامة على أنه من الكعبة ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختصموا كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى أعدوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي أي تحالفوا على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة فسموا لعقة الدم وقد تقدم في حلف المطيبين ومكث النزاع بينهم أربع أو خمس ليال ثم اجتمعوا في المسجد الحرام وكان أبو أمية بن المغيرة واسمه حذيفة أسن قريش كلها
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»