السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٧٤
الله عليه وسلم أن رضوان لايفتح إلا له ولا يفتح لغيره من الأنبياء وغيرهم وإنما يتولى ذلك غيره من الخزنة وهي خصوصية عظيمة نبه عليها القطب الخضري وكون الفاتح له صلى الله عليه وسلم الخازن لا ينافي ما قبله من كون الفاتح له الحق سبحانه وتعالى لما علم أن الخازن إنما فتح بأمر الله فهو الفاتح الحقيقي وفي رواية أنا أول من يفتح له باب الجنة ولا فخر فآتى فآخذ بحلقة الجنة فيقال من هذا فأقول محمد فيفتح لي فيستقبلني الجبار جل جلاله فأخر له ساجدا أي فالكلام في يوم القيامة فلا يرد إدريس بناء على أن دخوله الجنة مترتب على فتح الباب غالبا لأن ذلك قبل يوم القيامة وفي يوم القيامة يخرج إلى الموقف فيكون مع أمته للحساب ولا ينافيه ما جاء أول من يقرع باب الجنة بلال من حمامة على تقدير صحته لأنه يجوز أن يكون يقرع الباب الأصلي لا حلقه أو الأول من الأمة والله أعلم وفي الأوسط للطبراني بإسناد حسن حرمت الجنة على الأنبياء حتى أدخلها وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي وسيأتي أن هذا من جملة ما أوحى إليه المعراج الذي أشار إليه قوله تعالى * (فأوحى إلى عبده ما أوحى) * ولعل هذا هو المراد مما جاء في المرفوع عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما حرمت الجنة على جميع الأمم حتى أدخلها أنا وأمتي وأن ظاهرها من أنه لا يدخلها أحد من الأنبياء إلا بعد دخول هذه الأمة ليس مرادا وفي هاتين الروايتين منقبة عظيمة لهذه الأمة المحمدية وهي أنه لا يدخل أحد الجنة من الأمم السابقة ولو من صلحائها وعلمائها وزهادها حتى يدخل من كان يعذب في النار من عصاة هذه الأمة بناء على أنه لابد من تعذيب طائفة من هذه الأمة في النار ولا بعد في ذلك لأنه تقدم أن أول من يحاسب من الأمم هذه الأمة فيجوز أن الأمم لا يفرغ حسابهم ولا يأتون إلى باب الجنة إلا وقد خرج من كان يعذب من هذه الأمة في النار ودخل الجنة وجاء إنه يدخلها قبله من أمته سبعون ألفا مع كل واحد سبعون ألفا لا حساب عليهم وذلك معارض لقوله صلى الله عليه وسلم أنا أول من يدخل الجنة إلا أن يقال أول من يدخل الجنة من الباب وهؤلاء السبعون ألفا ورد أنهم يدخلون من أعلى حائط الجنة فلا معارضة
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»