السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٨٥
شيئا قط وما أدري شيئا أقرؤه أي لأني ما قرأت شيئا فهو من عطف السبب على المسبب قال * (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم) * فقرأتها فانصرف عني وهببت أي استيقظت من نومي فكأنما كتب في قلبي كتابا أقول أي أستقر ذلك في قلبي وحفظته ثم لا يخفى أن كلام هذا البعض وهو أنه جاءه ليلة السبت وليلة الأحد ثم ظهر له يوم الاثنين محتمل لأن يكون أتاه بذلك النمط في ليلة السبت وليلة الأحد وسحر يوم الاثنين وهو نائم لا يقظة لقوله ثم هببت من نومي ولا ينافي ذلك قوله ثم ظهر له بالرسالة أي أعلن له بما يكون سببا للرسالة الذي هو اقرأ الحاصل في اليقظة وحينئذ يكون تكرر مجيئه هو السبب في استقرار ذلك في قلبه صلى الله عليه وسلم وحينئذ لا يبعده قوله في الليلة الثانية ما قرأت شيئا لأن المراد لم يتقدم لي قراءة قبل مجيئك إلى ولا يبعده أيضا قوله ما أدري ما أقرأ لأنه لم يستقر ذلك في قلبه لما علمت أن سبب الاستقرار التكرر فلم يستقر ذلك في قلبه صلى الله عليه وسلم في الليلة الأولى وفي سيرة الشامي أن مجىء جبريل عليه السلام له صلى الله عليه وسلم بالنمط لم يتكرر وأنه كان قبل دخوله صلى الله عليه وسلم غار حراء وهذا السياق يدل على أنه كان بعده وفي سفر السعادة ما يقتضى أنه جاء بالنمط يقظة في حرا ونصه فبينما هو في بعض الأيام قائم على جبل حرا إذ ظهر له شخص وقال أبشر يا محمد أنا جبريل وأنت رسول الله لهذه الأمة ثم أخرج له قطعة نمط من حرير مرصعة بالجواهر ووضعها في يده وقال اقرأ قال والله ما أنا بقارئ ولا أدري في هذه الرسالة كتابة أي لا أعلم ولا أعرف المكتوب فيها قال فضمني إليه وغطني حتى بلغ مني الجهد فعل ذلك بي ثلاثا وهو يأمرني بالقراءة ثم قال اقرأ باسم ربك هذا كلامه فليتأمل والله أعلم قال فخرجت أي من الغار أي وذلك قبل مجىء جبريل إليه صلى الله عليه وسلم باقرأ خلافا لما يقتضيه السياق حتى إذا كنت في شط من الجبل أي في جانب منه سمعت صوتا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فوقفت أنظر إليه فإذا جبريل على
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»