السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٧٨
وذكر بعضهم أن مدة الرؤيا ستة أشهر قال فيكون ابتداء الرؤيا حصل في شهر ربيع الأول وهو مولده صلى الله عليه وسلم ثم أوحى الله إليه في اليقظة أي في رمضان ذكره البيهقي وغيره وجاء في الحديث الرؤيا الصادقة وفي البخاري الرؤيا الحسنة أي الصادقة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة قال بعضهم معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث أقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشر سنين يوحى إليه ومدة الوحي إليه في اليقظة ثلاث وعشرون سنة ومدة الوحي إليه في المنام أي التي هي الرؤيا ستة أشهر فالمراد خصوص رؤيته وخصوص نبوته صلى الله عليه وسلم وهذا القيل نقله في الهدى وأقره حيث قال كانت الرؤيا ستة أشهر ومدة النبوة ثلاثا وعشرين سنة فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا هذا كلامه وحينئذ يكون المعنى ورؤيتي جزء من ستة وأربعين جزءا من نبوتي ولا يخفى أن هذا لا يناسب الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح إذ هو يقتضى أن مطلق الرؤيا الصالحة جزء من مطلق النبوة الشامل لنبوته صلى الله عليه وسلم ونبوة غيره فليتأمل ولم أقف في كلام أحد على مشاركة أحد من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام له صلى الله عليه وسلم في هاتين المدتين وحينئذ تحمل الخصوصية التي ادعاها بعضهم على هذا ومما يدل على أن المراد مطلق الرؤيا ومطلق النبوة لا خصوص رؤياه ونبوته صلى الله عليه وسلم ما جاء في ذلك من الألفاظ التي بلغت خمسة عشر لفظا ففي رواية أنها جزء من سبعين جزءا وفي رواية من أربعة وأربعين وفي رواية أنها جزء من خمسين جزءا من النبوة وفي رواية من تسعة وأربعين وفي أخرى أنها جزء من ستة وسبعين وفي أخرى من خمسة وعشرين جزءا وفي أخرى من ستة وعشرين جزءا وفي أخرى من أربعة وعشرين جزءا فإن ذلك باعتبار الأشخاص لتفاوت مراتبهم في الرؤيا وذكر الحافظ أبن حجر أن أصح الروايات مطلقا رواية ستة وأربعين ويليها رواية أنها جزء من سبعين جزءا فعلم أن الرؤية المذكورة جزءمن مطلق النبوة أي كجزء منها من جهة الاطلاع على بعض الغيب فلا ينافي انقطاع النبوة بموته صلى الله عليه وسلم ومن ثم جاء ذهبت النبوة أي لا توجد بعدي وبقيت المبشرات أي المرائي
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»